خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
الحلقة 416 الجزء الثانى سلسلة المواجهة والحماية 3
.
.
.
كوكونغ—
بصوتٍ دوّى في أرجاء أرض الشياطين، اهتزّت الغابة، الصحراء، السهول، وحتى مكبّ النفايات—التفت الجميع نحو مصدر الصوت.
ليلة المُحاق.
في هذه الليلة الغارقة في الظلمة، حين يصبح استخدام سحر الانتقال الآني مستحيلاً على أرض الشياطين، يختار الضعفاء الاختباء بصمت، وحتى الأقوياء يؤثرون الراحة على القتال.
لكن الصوت الذي مزق هدوء تلك الليلة، جاء من أكثر الأماكن التي يُفترض أن تسودها السكينة.
ليلة البدر والمُحاق.
الجسر الوحيد الذي يصل بين الأخاديد الأربعة التي تقسم أرض الشياطين…
جرف الموت.
إنه اليوم الذي تتراجع فيه جذور البداية.
ومع ذلك، وفي هذه اللحظة، دوّى صوت ضخم واهتزاز عنيف قادم من جهة جرف الموت و جذور البداية.
"……"
"……"
"……"
"……"
في أرض الشياطين، بدأ أولئك الذين كانوا مختبئين بصمت لأخذ قسط من الراحة، يرفعون حواسهم بحذر، واحدًا تلو الآخر.
وبعضهم بدأ بالفعل بالتحرك نحو مصدر الصوت.
كوو كووونغ—
والشخص الذي تسبّب بكل هذا—
كايل هينيتوس،
لم يكن مهتمًا بما يجري، ولم يشأ أن يعرف.
كونغ كونغ—
قلبه كان ينبض بعنف.
- جائعة.
عبّرت الكاهنة الشرهة عن رغبتها بقوة.
وهذه المرة كان الأمر مختلفاً عن أي مرة مضت.
- انه شيء لم أتذوقه قط من قبل.
اشتهت الكاهنة الشرهة شيئاً لم يسبق لها أن أكلته قط.
لقد اشتهت الفوضى.
كوغوغو--
أما كايل، فظلّ واقفًا بهدوء، ناظرًا إلى الأعلى.
لكن الأرض من تحته، ذلك الوادي، كان يغرق في الجنون والفوضى بالكامل.
"هاه… هاه!"
"أ-أنقذوني!"
كان أولئك الموشكون على الانهيار من شدة الخوف يلهثون.
وبينما لا تزال الأصوات الوهمية تتردّد في آذانهم، بدأ من استعاد وعيه منهم يتوسل للنجاة.
"س-سأطيع! فقط، أنقذني!"
لقد شعروا بالقوة المتدفقة من جلودهم.
وتوسلوا، لمن يحاول إخضاعهم بأن ينقذهم.
فقط إن استطاعوا الهروب من هذا الوهم، فلن يمانعوا في أن يُستعبدوا من قِبل أي شخص.
"هذا جنون-"
وحتى ذلك الشخص الذي كان ما زال واعياً - أو بالأحرى محتفظ ببعض من وعيه-
المتجول تشوا—لم يستطع العثور على الكلمات المناسبة لوصف ما يراه.
"إنه… يدفع الإله بعيدًا؟"
إنسان… يطرد قوة إله الفوضى؟
بل، يواجهها؟!
ثم—
"ما هذا الآن؟"
كوغوغو---
كان الوادي ينشطر.
لا، بل يتحطم.
كيان ما يندفع إلى الأسفل بسرعة، محطمًا الصخور الصلبة.
إنها الجذور.
من الشرق، والغرب، والجنوب، والشمال—
جذور أشجار عملاقة تتجه نحو هذا المكان بسرعة جنونية.
وكأنها لا تخاف من قوة الفوضى إطلاقًا.
بل وكأنها ترغب في القتال.
جذور تهبط بجنون، بشراسة.
"هاه-"
لم تستطع الكلمات الخروج.
تلك الأشجار المجنونة… الآن…
"ما هذا الإنسان بحق الجحيم؟"
إنها قوة ذلك الإنسان.
هذا ما شعر به تشوا.
لأنه الوحيد الذي ظل واقفًا بثبات وسط كل هذا.
في تلك اللحظة، سمِع صوت المتجولة ريون.
"...صاعد."
ماذا؟
أراد تشوا أن يسأل أخته عمّا قالته، لكنه لم يستطع رفع عينيه عن ذلك الرجل.
ولسببٍ ما، شعر أنه لا يجب أن يفوّت هذه اللحظة.
كوغوغوغو—
كانت الجذور المنحدرة إلى الأسفل تتقدّم دون تردد.
حطّمت الصخور، وتمزّقت بفعل الاحتكاك، لكنها لم تُعر ذلك أي اهتمام.
فالأشجار تنمو على المنحدرات… وفي الصحارى… وفي أي مكان.
طالما وُجدت مكانًا تغرس فيه جذورها، فإنها تبقى على قيد الحياة.
كوغوغوغو—
والآن، وجدت تلك الجذور طعامها.
- جائعة.
بمجرّد أن همست الكاهنة الشرهة بهذه الكلمة مجددًا، فتح كايل فمه وقال.
"كلي بقدر ما تشائين." [*مايتوب هالبطل]
وفي اللحظة التالية—
كووونغ—!
وصلت أربع أشجار عملاقة إلى الأرض.
ومنها امتدت آلاف الجذور، كبيرة وصغيرة.
تشالانغ~
غاصت الجذور في الماء الرمادي دون تردد، دون خوف.
- لا يكفي.
ثم بدأت بامتصاص الماء الرمادي.
ارتفع حاجبا كايل قليلًا.
كواجك!
انفجرت إحدى الجذور التي تلونت بالرمادي.
ولم تكن الوحيدة.
كواجك! كواانغ! كواججيك!
العديد من الجذور، ما إن تلونت بالرمادي، بدأت تنفجر أو تتحطم واحدة تلو الأخرى.
ومع ذلك…
– لن تتحطم.
الكاهنة الشرهة لم تتوقف.
فمن حيث انفجرت الجذور أو تحطّمت، نبتت جذور جديدة، وحتى لو تحطمت الجذور الصغيرة، فإن الجذور الكبيرة ظلّت صامدة، ولم تلامس بعد الماء الرمادي.
- مرة أخرى.
والآن، حتى تلك الجذور الكبيرة بدأت تغوص في الماء الرمادي ايضا.
كوونغ!
ولم تكن تلك النهاية.
كووووونغ!
كوونغ!
كوونغ!
غرست الجذور نفسها حتى بلغت قاع الماء، حتى لامست الأرض.
ومدت جذورها بالكامل.
فعندما تجد الجذور ما تتشبّث به، لا شيء يمكن أن يخيفها.
لا نيران تحرقها.
ولا رياح تُثنيها.
مجرد ماء.
ذلك ما تتغذى عليه.
حتى مع تغيّر لونها إلى الرمادي، واصلت الأكل بنهم، دون توقف.
تمامًا كما التهمت الكاهنة الشرهة تربة الأرض المغمورة بـالمانا الميتة من قبل.
"هاه، هاهاها—"
انفلتت ضحكة من المتجول تشوا، من فرط الدهشة.
"هذا جنون—"
ما الذي أراه بحق الجحيم؟
"الأشجار... اللعنة، الأشجار تلتهم كل شيء!"
الأشجار… تشرب الماء!
"طبعًا! تبًا! وما الذي قد تشربه الأشجار غير الماء؟! تبًا لهذا الجنون!"
كان تشوا مذهولًا.
لكن، في الوقت ذاته، شعر بقشعريرة.
الصرخات، وهتافات النشوة التي كانت تصدح في أذنيه… الفوضى المروّعة التي اختلطت بكل شيء—كانت تتلاشى شيئًا فشيئًا.
كوااانغ، كواجك!
رغم أن الجذور استمرت في الانفجار بلا توقف، إلا أن الفوضى كانت تتلاشى.
ولِمَ لا؟
فالجذور التي امتصّت الماء الرمادي، حتى إن انفجرت، لم تعد تتحول إلى ماء رمادي، ولا إلى فوضى مرة أخرى.
- المزيد، المزيد!
لم تتوقف الكاهنة الشرهة.
كوغوغوغو—
مرة أخرى، بدأت جذور الأشجار تنزل من أعلى الجرف.
كل الجذور التي لم يتبقَّ منها سوى القليل لتُبقيها معلقةً بأعلى الوادي، اتجهت من جديد نحو الأسفل.
تقطر. تقطر.
لم يمسح كايل الدماء التي سالت من فمه.
كل ما فعله هو أن مواصلة النظر إلى الأعلى، والصمود.
ضحكة مكتومة~
ورغم ذلك، خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتيه.
"هوو..."
"ها—"
الشيطان السماوي، وارحابين.
أصبح نَفَسُهما أكثر خفة.
وشعر كايل بأنهما ينهضان من مكانيهما.
لقد ظهر آخرون يمكن الوثوق بهم لتولي الخلف، إلى جانب راون.
"آآه–"
"هُهق، هُهق..."
وبدأت تُسمع أصوات أولئك الذين بدأوا يستعيدون وعيهم شيئًا فشيئًا.
"هذا… هذا مستحيل!"
"الفوضى تتراجع؟ لا، يتم التهامها؟ هذا غير معقول!"
وكما بدأت تُسمع أصوات قادة طائفة إله الفوضى، وهم يائسون تمامًا.
وهذا ما جعل كايل يضحك.
"ما الذي يضحكك؟"
مع نبرة توبيخ من وارحابين، ازدادت ابتسامة كايل عمقًا.
لكنه لم يرد على التنين الذهبي.
بل واصل النظر إلى الأعلى، ثم فتح فمه قائلًا.
"ها هو قادم."
كوغوغوغو—
كانت جذور الأشجار تنزل مخترقة الضباب الرمادي، الذي أصبح أخفّ من ذي قبل.
ومن بين تلك الجذور، برزت أربع جذور ضخمة على وجه الخصوص.
تنحدر من الاتجاهات الأربعة، الشرق، الغرب، الجنوب، والشمال.
ومن بينها، واحدة—
ووووو—
ظهر تنين أسود.
"أيها الإنسان! لقد جلبت تشوي هان!"
استدعى راون رفيقه الآخر، تشوي هان.
تشوي هان، الذي كان يهبط مستندًا على الجذور، التقت عيناه بعيني كايل.
عندها تشوه وجه تشوي هان البريء.
عضّ على شفته حين رأى حالة رفاقه.
كانوا جميعًا، دون استثناء، في حالة يرثى لها.
كان قد رأى كايل في مثل هذه المشاهد كثيرًا، لكنه لم يتوقع أن يكون ارحابين والشيطان السماوي، بل وحتى ألبيرو، في هذه الحالة.
"تشوي هان! سأُنقذ رفاقنا!"
وصلت كلمات راون إلى أذني تشوي هان، ومع الدم المتدفق من فم كايل، والمشهد الذي يصنعه، أدرك تشوي هان ما عليه فعله.
طاخ!
وثب من الجذر الذي كان يقف عليه. [*هههه حبيتوا "وثب"؟، تعمدتها]
تَـق!
وهبط على جذر آخر.
الجذور التي برزت من فوق الماء الرمادي، سيقان الأشجار الصغيرة، والأغصان—
كلها كانت أرضًا يستطيع تشوي هان أن يطأها ويتقدم.
وعلى تلك الأرض، التي صنعها كايل فوق أرض تغمرها الفوضى، نزل تشوي هان.
ثم...
سَك!
لوّح بسيفه.
كواااا—!
"كغ...!"
"كهاك!"
أولئك الذين بدوا وكأنهم من قادة طائفة إله الفوضى، انقضّ تشوي هان عليهم بضربات مركّزة، استهدف بها الأقوى أولًا.
'آآاااااه–!'
'فُوهاهاه، هاهاه!'
وصلت إلى أذنيه أصوات الهلوسة،
ورؤى ضبابية تراقصت أمام عينيه.
لكن الواقع كان واضحًا، محسوسًا بالكامل.
فمنذ البداية، لم يتلوث تشوي هان بالفوضى، ولم يطأ إلا الأرض التي صاغتها الأشجار.
ولهذا لم ينجرف مع تلك الهلاوس ولا مع الأوهام.
يأس شخص ما؟
لقد كان في هالة تشوي هان ما يكفي من اليأس.
متعة شخص؟
لم يكن تشوي هان من النوع الذي يتزعزع أمام متعة بهذا المستوى، كانت آماله أعظم من ذلك بكثير.
وووو—
هالة سوداء صغيرة تحيط بجسده.
لكنها كانت تحمل استقامة لا تنحني لأي شيء وتمضي في طريقها الخاص.
إنها هالة تشوي هان، التي أصبحت أقوى مما كانت عليه حين واجه لأول مرة قوى إله الفوضى.
القوة التي على وشك أن تصبح تفردًا خاصًّا... تطورت بشكل كبير.
سَك!
لم يتوقف تشوي هان.
بل على العكس، كان اسرع.
فحتى لو أصبحت الفوضى أضعف، فلا يزال بالإمكان الانجراف فيها في أي لحظة.
سَك!
"آاااخ! ذراعي–!"
تشاااااك–!
"لماذا سيد السيفـ.....!"
كان تشوي هان يلوّح بسيفه بتعبير بارد، بلا أي تردد.
وفي تلك اللحظة، صرخ أحد قادة طائفة إله الفوضى امامه.
"هل تظنون، أنتم حفنة من البشر التافهين، أنكم قادرون على إيقاف ما يعتزم إله الفوضى فعله؟!"
رد تشوي هان على تلك الكلمات وهو يحرّك سيفه.
"أجل."
ثم أضاف.
"لدينا نحن أيضًا إله في صفنا."
وفي نفس تلك اللحظة، كان كايل لا يزال يحدق إلى الأعلى، ثم اتسعت عيناه فجأة.
"أووه—"
وفي الوقت نفسه، وصل أنين ألبيرو كروسمان إلى أذني كايل.
ثم تبعه صوت راون وهو يقول لكايل.
"أيها الإنسان! يقولون إنهم القديسة والفارس المقدس لطائفة إله الشمس! أيها الإنسان، أنت تعرف هذا الفارس، أليس كذلك؟"
كوغوغوغو—
بعد تشوي هان، كان هناك شخصان آخران ينزلان على إحدى الجذور العملاقة.
أحدهما كان الفارس المقدس السير بولتيين، والآخر كانت القديسة.
مسح بولتيين بعينيه المشهد المريع للمكان المقدس المغطّى بالضباب الرمادي، ثم التقت نظراته بنظرات كايل.
"!"
رغم أن لون شعره قد تغيّر، إلا أنه تعرّف عليه على الفور.
إنه ذلك الشخص الذي حذّره من الخطر القادم.
أما الشخص الذي بجانبه، الذي لم يستعد وعيه بعد— ذلك الرجل جعل عيني بولتيين تتسعان من الدهشة.
"قديستنا، هل هذا هو الشخص؟"
في اللحظة التي طرح فيها سؤاله، ضمّت القديسة، التي كانت لا تزال في ذراعيه عند الهبوط، يديها بدعاء بدلًا من الرد.
"يا شمسَنا!"
وفي تلك اللحظة—
"أرجوكِ! أنقذيه!"
صرخت بصوتها النقي وسط فوضى المعركة، وبمجرد أن ارتفع صوتها نحو السماء—
فاأااااه!
انبثق نور ساطع من جسدها واندفع نحو الأعلى.
في ليلة مُظلمة، حيث لا قمر فيها... ارتفع ذلك الضوء في السماء.
وحين ارتفعت تلك الكرة النورانية—
تململ~
تقلب البيرو في مكانه.
"ألبيرو!"
رأى التنين القديم إرحابين كيف أن سيف الشمس، الذي كان في يد ألبيرو، بدأ يمتصّ ذلك الضوء.
[جارٍ الشحن السريع]
ظهرت رسالة لم يكن بوسع أحد غير ألبيرو رؤيتها، وصرخت القديسة.
"يا شمسنا! أزيحي عنا هذه الفوضى!"
نزلت أقوى قديسة من طائفة إله الشمس، والتي تمتلك أعظم طاقة مقدسة، إلى المكان المقدس لإله الفوضى.
بوم! كرااك!-
كانت الجذور لا تزال تنفجر.
ورغم ذلك، فإن الجذور التي بقيت استمرت في الأكل، ثم الأكل والاكل مجددًا!
وصمدت.
- حتى الفوضى يمكن أكلها ايضا.
في اللحظة التي اتخذت فيها الكاهنة الشرهة قرارها النهائي، أنزل كايل رأسه ببطء بعدما كان مرفوعًا نحو السماء.
لم يتبقَّ من الماء الرمادي سوى نحو الثلثين فقط.
"آاااااه!"
توقف عن خفض رأسه واتجه نحو مصدر الصوت المفاجئ.
رأى شخصين يهبطان متأخرين على إحدى الجذور العملاقة الأخرى.
"أيها الإنسان، لا تقلق! إنهما من الطيبين!"
بكلمات راون، صرف كايل انتباهه عنهما.
"هذا مذهل…!"
"مهلا، هل تصور هذا جيدًا؟ من المفترض أن يحصل هذا المشهد على 10 مليار مشاهدة!"
"يا للجنون، دموعي تنهمر! انظروا إلى صغيرنا التنين اللطيف!"
"أيها المجنون الباحث عن الاهتمام! أهذا وقت الحديث عن هذا؟ من ذلك ذو الشعر الأحمر؟ إله؟!"
لكن كايل لم يكن لديه الوقت ليهتم بهم.
وبالطبع، سوف يندم بشدة لاحقًا على هذا القرار... أشد الندم. [*ريو جالسة تحرق]
لكن في هذه اللحظة، كان على كايل أن ينهي كل شيء قبل أن يفقد وعيه.
فاأاااه—
لا يمكنه أن يفوّت اللحظة التي ارتفعت فيها كرة الضوء إلى السماء.
- توقّف الضباب الرمادي للحظة.
تمامًا كما قال سوبر روك، كلما انخفض منسوب المياه، تراجع الضباب الرمادي أكثر. وعندما بزغ الضوء، تردد الضباب.
تقطر—
حتى أن الدم انساب من زاوية شفتي القديسة.
لا يمكن تضييع الفرصة التي منحتهم إياها.
إضافةً إلى ذلك—
غغغغغغغغ—
بدأت السماء تبكي.
لا، بل كانت الغيوم هي من بدأت بالبكاء.
"سنفكر في المتجولين لاحقًا."
الشيطان السماوي.
نشر غيوماً قرمزية داكنة في السماء، ثم غطّى بها الضباب الرمادي.
وعادت الأصوات الوهمية إلى التلاشي بعيدًا، بعيدًا عنهم.
وتحت سماء التي لم يتبقَّ فيها سوى الضوء والغيوم القرمزية بلون الدم—
نظر كايل إلى الأسفل.
إلى الحوض الممتلئ بالماء الرمادي.
كانت هناك جذور هنا وهناك قد ثبتت مواقعها، وبرزت من خلالها.
وعندما رأى كيف انتشرت الجذور بشكل متساوٍ، اتخذ كايل قراره.
مدّ يديه، كلتا يديه اللتين كانتا لا تزالان تمسكان بالسيف.
بما أن الأشجار ثبّتت جذورها...
الآن حان وقت—
"انمُ، وازدهر."
عليه أن يُنبت غابة.
"التهم كل شيء."
كوغوغوغوغوغو—!
اهتز الوادي بأكمله.
الأرض، الحوض... كل شيء بدأ يهتز.
ثم…
بدأت تنمو.
من كل جذر، نبتت شجرة.
سواء كانت كبيرة أو صغيرة — بدأت الأشجار بالنمو دون توقف.
تكوّنت الجذوع، وامتدت السيقان، وتفتحت الأوراق.
"آه—"
جلس أحد الكهنة على الأرض فجأة.
ثم جمع يديه معًا في دعاء.
تلاشت الأوهام، وتلاشت الأصوات الوهمية.
لأن الأشجار التهمت كل الماء الرمادي.
كواجك—
كواجيج—!
حتى في وسط كل هذا، كانت هناك أشجار تموت أثناء ذلك
لم تستطع الصمود.
لكن، ورغم ذلك… تكوّنت الغابة في النهاية.
"آه…"
ارتجف ذلك الكاهن الذي تحرر من الفوضى الجحيمية، حين رأى الواقع أمامه.
غابة رمادية تشكّلت أمامه.
في المكان المقدس لاله الفوضى، حيث لم يكن هناك من قبل شجرة أو نبات واحد طبيعي…
ظهرت الآن غابة رمادية.
وتلك الفوضى الجحيمية بدأت تتراجع.
لم تعد تُرى أو تُسمع شيئًا فشيئًا.
وبدلاً من ذلك، لم يكن يشعر سوى بهالة السيادة التي تغلّفه.
وقد أدرك الكاهن الأمر—
لقد كانت تلك الهالة المسيطرة تنقذه.
وفوق ذلك، أدرك أيضًا
إنها نقية.
هالة السيادة تلك لم تكن مختلطة بأدنى شوائب من الفوضى.
كانت الرياح تهبّ نحو الأشجار التي التهمت الفوضى.
فوووووووو—!
وأوراق الأشجار التي تحوّلت إلى اللون الرمادي راحت تتمايل.
لكن عبيرها كان نقيًا ومنعشًا إلى حد لا يُوصف.
"آه—"
استدار الكاهن برأسه.
كانت جميع الأشجار تنمو باتجاه واحد، موجهةً أغصانها نحو اتجاه محدد.
ذاك الاتجاه كان الليلة المقلوبة، مركز ليلة البداية في المكان المقدس.
وفوق صخرة بارزة هناك، كان يقف شخص واحد.
هو أيضًا كان مغطى باللون الرمادي.
الأغصان الرمادية، والأوراق الرمادية، والغابة الرمادية… كلها كانت تنمو باتجاه شخص واحد.
وكأنها تحاول حمايته.
أو ربما، لحمايتنا نحن بأمرٍ منه.
ومن دون أن يدرك، وجّه الكاهن كلماته لذلك الشخص.
"يا إلهي—"
قشعريرة باردة اجتاحت جسده.
في المكان الذي اختفت فيه الفوضى، وقف شخص واحد.
وذلك الشخص هو… كايل.
"تبًا، كم أكلتِ—!"
كح كح!
سقط جسده إلى الوراء، بالوضعية ذاتها التي كان واقفًا بها، وهو يتقيأ حفنة من الدم—
- لقد أكلتُ جيدًا.
—بينما كان يسمع الي ما قالته الكاهنة الشرهة، بصوت مفعم بالرضا.
.
.
.