نعم، هذا كان الإشارة التي كنت أنتظرها لأهرب بأقصى سرعة. هذا الخطر فوق مستواي بكثير! أيا كان ما يحدث هناك، لم أكن حتى من أهدافهم، ومع ذلك تم رميي من مجرد تأثير جانبي لما حدث.

بدلاً من مقاومة الانفجار، استخدمته لصالح نفسي. قفزت من غصن إلى غصن وسمحت لثاتير الصدمة بحملي ، واضعًا بيني وبين مركز الانفجار أكبر مسافة ممكنة. لم أكلف نفسي حتى بالنظر خلفي لأرى ما الذي انفجر إو افكر في مصير القرويين ، ويبدو اني فقدت أثر خصمي وسط الفوضى.

كنت آمل أن أبحث في ملابس الرجل الذي قتلته لعلّه يحمل ترياقًا. لكن لو كنت قد سممت فعلاً، لظهرت الأعراض الآن. لا أحد يعقل أن يطلي سلاحه بسم بطيء المفعول لا يفيد أثناء المعركة. ولو كان هذا حاله، لفر مباشرة بعد أن أصابني، وترك السم ينهي المهمة.

ربما كان مجرد مهووس بالمعارك يحب تعذيب ضحياه ، لكن حتى في هذه الحالة، استخدام سم بطيء المفعول يصبح أكثر عبثية.

الآن، من حولي كانت الأشجار تخلق ممرات أشبه بالمتاهة، ولم تكن لدي أي فكرة عن الطريق الذي سيقودني مجددًا إلى طريق الطائفة.

هل كنت أريد العودة حتى؟

اللعنة… لقد حاولت أن أهرب بمجرد ما سمعت عن "فتاة اليشم "تلك ، ومع ذلك ها أنا ذا، عالق وسط تبعات شي لا أفهمه. الأمر كاد يجعلني أبكي من القهر!

لكن إظهار الضعف في ساحة معركة هو أمر قاتل، وذالك درسًا لا أحتاج لتعلمه مرتين.

وسرعان ما انتهت الأشجار، وسقطت في حقل عشبي مفتوح.

ما الذي يفترض أن أفعله الآن؟

آلام القتال، الذراع الممزقة، ضلع مكسور على الأرجح، عضلات ساقي ممزقة، وارتجاج أو اثنين في الدماغ… كل ذلك اجتمع فجأة، وفقدت الوعي لثانية وأنا أقاوم الرغبة في السقوط والصراخ من شدة الألم. جسدي كله كان يرتجف، وعقلي بالكاد يصمد تحت هذا العذاب.

لكن من يدري إن كان هناك أعداء آخرون يتربصون؟ لذا، كل ما سمحت لنفسي به كان أنينًا خافتًا، كان بمثابة المتنفس الوحيد، قبل أن أعيد تركيز حواسي بحذر، خوفًا من أن تكون الفتاة ما تزال تتعقبني.

حسنًا، عدنا للعمل. لا مجال للتفكير في المستقبل الآن، فقط التركيز على الحاضر.

تشتيت نفسي عن الألم لم يكن سهلًا، وأعترف أنني كنت على وشك الإغماء. لكن ذلك كان يعني موتًا مؤكدًا، وأنا لم أكن مستعدًا للموت بعد.

أول ما يجب فعله هو معالجة إصاباتي.

الضلوع المتشققة، الأرجل شبه العاطلة، والارتجاجات لم تكن بيدي حيلة تجاهها. لكن الجرح في ذراعي، النازف بشدة، كان لا بد من التعامل معه فورًا.

مزقت قطعة من القماش من ملابسي التنكرية، وصنعت منها ضمادًا مؤقتًا، ولففته بإحكام حول جرحي، وأوقفت النزيف جزئيًا.

الآن، لم يتبق لي سوى أن أرجو أن يكون جهاز المناعة لدى المزارعين أفضل من البشر العاديين. لم أسمع يومًا عن مزارع يصاب بنزلة برد، والأمراض التي تهددهم غالبًا ما تكون خارقة ونادرة.

تذكرت ما قرأته من كتب الطب في مكتبة الطائفة… معظمها كان يركز على تمييز الفطريات السامة والنباتات ذات الخصائص العلاجية. لكن المعلومات عن الأعشاب العادية كانت قليلة للغاية في عالم المزارعين.

شيء واحد فقط كان مؤكدًا: إن خرجت حيًا من هذا الجحيم، فلن أغادر الطائفة لوقت طويل جدًا! جدا! جدا! جدا!

نظرت من حولي، لم أسمع سوى حفيف الأوراق، وكان الشيء الوحيد البارز هو سحابة دخان بعيدة في الأفق.

نعم… الابتعاد أكثر عن هذا المكان يبدو كخيار ممتاز.

مر يوم كامل قضيته في الركض باتجاهٍ معاكسٍ لمصدر ذلك الانفجار، ولم أتوقف إلا عندما شعرت أنني لم اعد قادر على الحركة لكن صرت بعيدًا بما يكفي، واستقر بي الحال بجانب مجرى مائيّ صافٍ. ولم يكن لدي خيار كبير في الواقع، إذ بدا أنني سأفقد وعيي في أي لحظة.

نزعت الضمادة عن جرحي بحذر، متفحصًا إياه. كان الدم قد تجلط حول الجرح، ويبدو أن الجرح قد التأم جزئيًا. كان بإمكاني تحريك ذراعي رغم الانزعاج، وكنت ممتنًا لبنية جسدي كمزارع، والتي من المفترض أنها تتعافى أسرع وتتمتع بمناعة أقوى من الإنسان العادي. أو ربما كنت محظوظًا وحسب.

وأثناء خلعي لملابسي لتفقد إصاباتي، أطلّ رأس سلحفاة صغيرة من إحدى جيوب ردائي الداخلي، تحاول عض إصبعي.

" سبيدي انت حيئ.... كدت أنسى أمرك، أيها الصغير،" قلت ضاحكًا بينما كنتُ أتحقق من سلامة الكتابين اللذين لا أفارقهما. ولحسن الحظ، كانا سالمين تمامًا. كتاب الحالة لدي كان بمثابة سجلٍ لإحصاءاتي المرجعية، أما كتاب المعلومات، الذي جمعت فيه كل ما استطعت من معرفة حول الزراعة، فكان الأهم بلا منازع.

وقفت عاريًا بحذر، ثم غرست أطراف أصابعي في الماء، لتنتفض رجلي من البرودة المفاجئة ويصطك فكي.

حسنًا، يبدو أن جسدي كمزارع لا يحميني من البرد كما توقعت. محبط، نعم، ربما كنت أبالغ، لكنني اعتدت على القدرات الخارقة التي أصبحت أمتلكها.

غسلت كل جزءٍ من جسدي، واعتنيت بجروحي، متأكدًا من عدم وجود إصابات خفية. باستثناء عظام مشروخة في الذراع وربما بعض الأضلاع، كان كل شيء يتعافى بشكل جيد، خصوصًا الجرح في ذراعي.

"على الأقل لم أعانِ من ارتجاج دماغي رغم كل تلك الاصطدامات بالأشجار،" تمتمت موجهًا كلامي للسلحفاة الصغيرة التي لا تزال تعبث بملابسي. "أليس كذلك، أيها الصغير؟"

وكان رد "سبيدي" الوحيد هو الاستمرار في قضم ملابسي.

هل دخل "سبيدي" مرحلة المراهقة المتمردة مبكرًا؟اه الأطفال ينضجون بسرعة هذه الأيام...

تذكرت سنوات شبابي في حياتي السابقة، حين لم يكن الإنترنت منتشرًا بعد، ولم يكن امتلاك هاتف ذكي أمرًا شائعًا.

لم تكن هناك هواتف، وكان الناس يعبثون بأشياء غريبة، يحرقون أشياء ،ويسرقون من الأسواق، وازعاج الناس عن طريق طرق الأبواب والهروب... . لم أفهم أبدًا لماذا يشتكي البعض من الجيل الجديد بسبب تمسكه بهواتفه. على الأقل، الأمر أفضل من الحماقات التي كنا نفعلها.

هززت رأسي لأطرد الذكريات. جزء من النضج هو الحنين لتلك الأيام الخالية من العمل والضرائب. وبلا مبالغة، هذا أحد الأسباب التي جعلتني أحب هذا العالم؛ هنا، يمكن للفرد أن يمتلك القوة الكافية ليصنع مصيره، بل وقد يتمكن القلة من التفوق على مصلحة الأغلبية. لكن هذا أيضًا معناه أن المجانين قد يصلون إلى السلطة.

بعد أن غسلت دمي وتجففت، ارتديت ملابسي مجددًا، ثم تمددت على العشب، وقدمت للسلحفاة الصغيرة بعض الأعشاب وجذور الأشجار.

مزقت أكمام ملابسي الطويلة وصنعت منها ضماداتٍ خشنة، غسلتها ووضعتها على بعض الحجارة قرب الجدول لتجف. تفقدت المكان حولي، متأكدًا من أن العشب طويل بما يكفي لإخفاء جسدي، ثم استلقيت.

بعد فترة، توقّف "سبيدي" عن المقاومة واستسلم لحناني. تمدد على كتفي ونام، بينما بقيت أحدق في السماء الزرقاء الصافية.

كان الوقت صباحًا باكرًا، والشمس لم تكن قوية بعد، مما أضفى على السماء منظرًا مريحًا.

لحظة… هل كان الفضاء في هذا العالم مشابهًا لما عرفته في حياتي السابقة؟ هل حاول أي مزارع طائر بالسيف الوصول إلى الفضاء؟ يجب أن أحصل على تلسكوب وادرس النجوم وحركة الكواكب.

بينما كانت مثل هذه الأسئلة تدور في ذهني، منتبهًا لعالمٍ أوسع بكثير، انتظرت حتى جفّت ضماداتي ولففتها حول ذراعي، ثم بدأت القيام ببعض التمارين لأتأكد من عدم وجود إصابة تؤثر على قدرتي على الحركة. وأخيرًا، أعدت السلحفاة الصغيرة، التي اعتادت قليلًا على الحرية خلال هذه الرحلة، إلى جيبي.

"لا تقلق يا سبيدي، إذا أصبحت مزارعًا كبيرًا يومًا ما، سأشتري لك قصرًا وأجلب لك حريمًا من السلاحف الجميلات ،" قلت ممازحًا، بينما أطل رأسه من جيبي.

بعد ساعات من الراحة، انطلقت راكضًا عبر السهول العشبية، حتى عثرت على طريقٍ ترابي عليه آثار عجلات العربات، فسلكته غربًا. لم يكن لدي الكثير من الخيارات، فتابعت المسير على تلك الآثار حتى وصلت أخيرًا إلى ما بدا أنه مدينة .

كانت تحيط بها جدران عالية بلونٍ مائل إلى الأحمر الوردي، وعليها علامات داكنة، ربما كانت نقوشًا أو تشكيلات سحرية. أو لعلها مجرد زينة لإخافة المزارعين ذوي المستوى المنخفض من التسبب بالمشاكل. وفي كل الأحوال، لم أكن أنوي التحقق.

اقتربت من البوابة، فكان هناك رجلان يرتديان دروعًا قرمزية تعود للعصور الوسطى، يحملان سيوفًا داكنة ويراقباني بعيونٍ يقظة. وعلى عكس بلدة "العشب الأخطر "، لم تكن هناك طوابير طويلة تنتظر الدخول.

_________________________

AMON : هل يجب أن اكتب اسماء المدن والأماكن ب الإنكليزية مثل بدا ما اكتب بلدة "العشب الأخطر " اكتب بلدة "غرينغراس" ؟

2025/04/11 · 59 مشاهدة · 1232 كلمة
AMON
نادي الروايات - 2025