كان كايل يحدّق في سقفٍ قديمٍ لغرفة نومٍ في فندقٍ متواضع، شعره الأسود الكثيف يتدلّى إلى الخلف، بينما عيناه الحمراوان الدمويتان تلمعان بهدوءٍ مرعبٍ كوحشٍ يرقب فريسته بصبرٍ قاتل.

حرّك كايل أصابعه ببطءٍ فوق صدره، ثم زفر زفيرًا خافتًا، قبل أن يتمتم لنفسه بصوتٍ منخفضٍ كأنه يختبر صدى كلماته في الظلام:

«يبدو أن هذا من عمل سمة قلبٍ وعقلٍ بارد، التي حوّلت أفكاري الفوضوية واضطرابي إلى هدوءٍ جليديٍّ.»

كانت السمات التي يمتلكها كايل تنقسم إلى قسمين:

نوعٌ إيجابيٌّ يحتاج إلى تفعيله، مثل التقييم والجسد الطبيعي؛ فعند حاجته لتقييم شيءٍ كالمعدات أو الأعداء، عليه تنشيطه. والجسد الطبيعي ينقسم بدوره إلى جزئين: شفاء الجروح الذي يتطلّب توجيه الهالة إليه ليبدأ بالعمل، على عكس القدرة على التحمّل والقوة الجسدية التي تعمل بشكلٍ مستمر. وكذلك اللمسة الذهبية تحتاج إلى تنشيط الهالة لإيقاظ الأثر الكامن فيها.

أما النوع الثاني فهو سلبيٌّ، يعمل في كل وقتٍ ويحتاج إلى شروطٍ معيّنة دون أن يستهلك الهالة؛ مثل قلبٍ وعقلٍ بارد الذي يحافظ على هدوئه مهما كانت الظروف، والتكيّف الذي يجعله يتأقلم مع محيطه أو أثناء القتال، والمقاومة التي تطوّر جسده تدريجيًا ليقاوم السموم أو اللعنات. أما الموهبة الفريدة فتجعله يتعلّم ويتقن أشياء كثيرة بعد ممارستها عدّة مرات، لكن بطبيعة الحال ليس كل شيء يمكن تعلّمه؛ فمثلًا السحر يحتاج إلى شروطٍ معيّنة لاكتسابه، وكذلك بصيرة المشاعر وحاسة الخطر.

لكن أهم شيءٍ لديه، وأكثر قدرةٍ تبثّ الرعب في قلبه قبل الآخرين، هي تلك السمة الوحيدة القادرة على قلب هذا العالم رأسًا على عقب. سمة ضد القدر... يجب أن تعلم أن هذا العالم مليءٌ بالأحكام الذين يراقبون من الظلال، وأيّ شيءٍ يخلّ بنظامهم لا ينجو من أعينهم. حتى إن تمكّن من تجنّبهم، فلا بدّ من الاستعداد الشديد والحذر البالغ، إذ لا يمكن الاعتماد على هذه الحلول بثقةٍ عمياء… في النهاية، نحن نتحدّث عن الأحكام الذين يمتلكون أعظم قوّةٍ في الوجود.

حرّك كايل رأسه قليلًا، وأغمض عينيه للحظةٍ قبل أن يفتحهما ببطءٍ، ثم همس بصوتٍ هادئٍ كهمسٍ يشقّ السكون:

«يبدو أنّ عليّ تعديل خططي قليلًا... لكن المسار لن يتغيّر. فأينما يكن الطريق، لديّ ثقة... لا، ليست ثقة، بل يقينٌ راسخ... أنا متأكّدٌ منه... سأقف على قمة هذا العالم.»

ومض ضوءٌ حادّ في عينيه الحمراوين، ليكشف يقينًا جامدًا وغطرسةً جامحةً تليق بوحشٍ يُعلن أنّه سيصل إلى القمة ويقلب هذا العالم رأسًا على عقب.

شدّ كايل قبضته ببطءٍ فوق صدره، شعر بدمٍ ساخنٍ يندفع في عروقه كجمرةٍ مشتعلة، ولا يعرف السبب تمامًا، لكنّه شعر أن طريقه سيكون شائكًا وصعبًا، وأن الجميع سيحاولون إيقافه. ومع ذلك، إن وقف هذا العالم كلّه ضدّه... فسوف يقلبه.

بسرعة عدّل كايل جلسته وأعاد نظره إلى الطاولة حيث كانت توجد مزهرية زهور ومشط شعر وقلادة وقناع.

فورًا ظهرت أمامه شاشة تعرض المعلومات:

[الاسم: مزهرية زهور ضوء القمر

النوع: قطعة قديمة

الوصف: يعود تاريخها إلى 500 عام من عصر النهضة. كانت في الأصل ملكًا لعائلة دوقية أورين، لكن بعد دمارها في الحرب الكبرى ضد مملكة أستاليا، اختفت جميع آثار تلك العائلة.]

[الاسم: مشط شعر فضي

النوع: قطعة قديمة

الوصف: يعود تاريخه إلى 100 عام من عصر النهضة. كان ملكًا لكونتيسة دموية اشتهرت في تلك الفترة بكونها امرأة ذات جمال يجذب الجميع، وخاصة بشعرها الأحمر الدموي، لكن لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها خوفًا من قوتها وأساليبها الدموية.]

[الاسم: قلادة الحياة

النوع: قطعة قديمة

الوصف: كانت ملكًا لقديسة معبد الحياة قبل 300 عام، حيث كانت تعتزّ بها كثيرًا، لكنها اختفت عندما تم الاعتداء عليها من قبل قائد قراصنة اللهب الأسود.]

عندما رأى كايل معلومات قلادة الحياة، استعاد شذرات من تلك الحادثة.

بالنسبة للأحكام، كان نظام الرتب أمرًا مقدسًا؛ وأعلى رتبة فيه هي الكاهن الأعلى، وفي مرتبته نفسها تأتي القديسة. في ذلك الوقت، كانت قديسة معبد الحياة مفضلة لدى حاكمة الحياة، وتحظى بحب جميع المؤمنين بها، وتمتعت بجمالٍ جذّاب، لكن قائد قراصنة اللهب الأسود وضع عينيه عليها وأراد الاقتراب منها. ولأن القديسة يجب أن تبقى نقية، قام بانتهاكها، ونتيجةً لذلك انتحرت.

بسبب هذا، غضبت حاكمة الحياة وأرسلت رسلها من الملكوت السماوي، كما اجتاح الغضب الممالك التي تؤمن بحاكمة الحياة، ليتمّت مطاردة قراصنة اللهب الأسود وتدميرهم واحدًا تلو الآخر. وكانت تلك الحادثة أيضًا السبب في نهاية عصر القراصنة إلى الأبد.

حرّك كايل رأسه قليلًا وتنهد:

«بصراحة، يوجد الكثير من الأمور التي لا أفهمها في تاريخ هذا العالم.»

كان كايل يعاني من نقصٍ كبير في المعلومات حول هذا العالم، لذلك قرّر أنه يحتاج إلى فترةٍ لدراسة التاريخ بعمق.

بعد ذلك حوّل نظره إلى قناعٍ نحاسيٍّ بسيط المظهر.

[الاسم: قناع نحاسي

النوع: عمل كيميائي

الوصف: قناع تم صنعه من قبل عشرة خبراء كيمياء من رتبة سماوية، لكن هذه التحفة سُرقت على يد لصٍّ مشهورٍ باسم ملك اللصوص ومؤسس جمعية اللصوص، لذلك ضاعت في طيّات النسيان.

الوظيفة: إخفاء الهالة أو تغييرها.]

مدّ كايل يده ولمس القناع برفق، شعر ببرودته تتسلل إلى جلده.

«هذا القناع هو الأداة الوحيدة التي تحمل وظيفة واضحة...»

حدّق فيه طويلًا، متأملًا تفاصيله البسيطة التي أخفت سرًّا عظيمًا. أن يجتمع عشرة خبراء كيمياء من رتبة سماوية لصنع شيءٍ واحد يعني أن هذا القناع مقدّرٌ له أن يكون من أعظم القطع التي صنعها البشر في هذا العالم.

«إذن، هل نجرب اللمسة الذهبية على هذا القناع لنرى إمكانياته الحقيقية؟»

لكن قبل أن يستعمل اللمسة الذهبية، كان عليه أن يتأكد من ألّا يكتشف أحد ما يحدث. لم يكن يعرف ما قد يحدث، ولذلك أسرع إلى النافذة، أسدل الستائر الثقيلة بإحكام حتى لا يتسلل ضوءٌ أو فضول، ثم أشعل شمعةً صغيرة لأن المصابيح السحرية تعمل بنظام توقيت وتضيء تلقائيًا عند حلول الليل.

عاد كايل إلى القناع النحاسي، مدّ يده وفتح كفّه فوقه، ثم أغلق عينيه وهمس بهدوءٍ عميق:

«اللمسة الذهبية.»

أشرق ضوءٌ ذهبيٌّ من كفّه وبدأ يندمج ببطء مع القناع النحاسيّ، بهدوءٍ وثبات. شعر كايل بهالته تتسرّب من جسده بسرعةٍ مرعبة حتى جفّت تمامًا.

تلاشى الضوء الذهبي من يده، ليحلّ مكانه وهجٌ نحاسيٌّ في القناع الذي ظهرت عليه رموزٌ تتراقص كالأفاعي على سطحه.

ترنّح كايل إلى الخلف وجلس على الكرسي، بشرته شاحبة كما كانت قبل أن يصبح فارسًا برونزيًّا منخفض الرتبة. رغم ذلك لم يرمش، بل ظلّ يحدّق بالقناع بعيونٍ تشتعل بالإثارة، بينما كان جسده يستعيد طاقته ببطءٍ بفضل قدراته الطبيعية.

ظهرت أمامه كلمات جديدة على الشاشة:

[الوظيفة: إخفاء الهالة أو تغييرها / تغيير الوجه والعمر والجنس طالما يوجد حمضٌ نووي يمكن نسخه بالكامل.]

عندما قرأ كايل تلك المعلومات، انفجر ضاحكًا، ضحكةً طويلةً مرعبةً مزّقت سكون الغرفة:

«هاهاهاهاهاهاهاهاهاها!»

بعد أن هدأ، أمسك القناع النحاسي بين يديه. كان الضوء قد اختفى من سطحه، لكن لمعانه ازداد قوةً وغموضًا.

حدّق فيه وعيناه تلمعان كالدم:

«بهذا القناع... ومع سمة ضد القدر... يمكنني أن أفعل ما أشاء.»

أراد كايل أن يستعمل اللمسة الذهبية على بقية العناصر، لكنه وجد أن الطاقة التي لديه لا تكفي لفعل ذلك. توقف عند قناع نحاسي في الوقت الحالي، وبدأ يفكر في وضع خطة لكيفية استغلال هذا القناع وسماته والعناصر من أجل تحقيق أعلى استفادة.

2025/07/01 · 95 مشاهدة · 1067 كلمة
General_13
نادي الروايات - 2025