بعد أن شعر كايل بسعادة غامرة، عاد إلى هدوئه وحدّق في الطاولة أمامه حيث كانت العناصر مبعثرة. قرر أن يستخدم اللمسة الذهبية ثم يراقب التغييرات التي ستحدث ليحدد التعديل الذي سيضيفه إلى خطته.

وبينما كان غارقًا في أفكاره، سمع صوت طرقٍ خفيفٍ على الباب. انتفض من مقعده بسرعة، قبض على مقبض سيفه واقترب من الباب بخطوات هادئة وثابتة، وعضلاته مشدودة وكتفاه مائلان قليلًا إلى الأمام استعدادًا لأي هجوم مفاجئ. شعر بحرارة جسده تتصاعد مع كل خطوة.

«من هناك؟»

كان صوته منخفضًا هادئًا، لكن توترًا خفيًا ارتعش في عينيه وتسلل إلى مفاصل أصابعه؛ لم يكن يتوقع أحدًا ليزوره في هذا الوقت.

جاءه صوت هادئ من خلف الباب:

«سيدي، أنا النادل... أحضرتُ طعام العشاء.»

ما إن سمع هذه الجملة حتى تذكّر أنه قبل صعوده إلى الغرفة طلب أن يُوصَل إليه عشاءه. في تلك اللحظة لاحظ أن الشمعة التي على الطاولة قد انطفأت، ولم يبقَ سوى المصابيح السحرية تُضيء الغرفة بضوء باهت مائل إلى الزرقة، مما يعني أن الليل قد حلّ دون أن ينتبه. امتزجت رائحة الشمع المحترق بدفء الطعام القادم من خلف الباب، فشعر بطنه يقرقر بصوت خافت، كأنه يوبّخه على تأخّره.

«أنا قادم.»

بسرعة، وضع العناصر داخل خاتم التخزين وأزاح الكرسي الذي وضعه خلف مقبض الباب كحاجز بدائي، رغم معرفته أن أي هجوم حقيقي قد يدمّر الباب أو يتسلل عبر النافذة بسهولة.

فتح كايل الباب بحذر، يميل بجسده قليلًا ليبقي نصفه خلفه. كان هناك شاب في مثل عمره أو أكبر قليلًا، يدفع عربة طعام تفوح منها رائحة اللحم المطهو والأعشاب العطرية. بدا مظهر النادل عاديًا جدًا؛ إنسان بلا أي أثر لقوة أو هالة. ومع ذلك لم يرخِ كايل حذره، إذ ظلت عيناه تنتقلان بين وجه النادل والعربة، متأهّبًا لأي حركة غريبة.

أخذ العربة بسرعة، ثم أخبر النادل أن يعود بعد نصف ساعة ليأخذها. أغلق الباب ببطء، يراقب الممر من خلال فتحة ضيقة قبل أن يديره بالمفتاح ويستند للحظة بظهره إلى الباب، زفيره يخرج ثقيلًا من صدره.

جلس أمام العربة وبدأ يتناول الطعام بأسلوب أرستقراطي متزن. ورغم أنه لم يتعلّم آداب النبلاء من قبل، إلا أن الذكريات المخبأة في جسده جعلت كل حركة من حركاته تبدو طبيعية ودقيقة: يرفع الملعقة بخفة، يضع السكين على طرف الطبق بانضباط، يمسح فمه بمنديل كتان أبيض. كانت عيناه تراقبان يديه وكأنهما تتحركان من تلقاء نفسيهما، بينما أنفاسه تهدأ شيئًا فشيئًا.

بعد أن أنهى وجبته، دفع العربة خارج الغرفة بهدوء. ثم عاد وأغلق الباب بإحكام، استعدادًا لجلسة تدريب طويلة. اتجه نحو السرير وجلس متربعًا، ساقاه متقاطعتان، ظهره مستقيم، وضع كفيه على ركبتيه وأخذ نفسًا عميقًا ملأ صدره.

أخرج كتابًا من خاتم التخزين وفتحه وبدأ يقلب صفحاته التي دُوِّنَت عليها الأساسيات.

بدأ يقرأ ببطء:

> يتم تقسيم رتب الفارس عادة إلى المراحل التالية: برونزي، فضي، ذهبي، أرضي، سماوي، أسطوري.

كل مرحلة تتكون من: منخفض، متوسط، متقدم، ذروة.

وبالطبع لن أتحدث هنا عن المراحل المتقدمة، لأنك يا كايل كسول! لو وجدت هذه الأساسيات طويلة لرميت الكتاب بعيدًا دون اهتمام.

رفع كايل حاجبيه. كان يعرف هذه المعلومات مسبقًا حين اندمجت روحه مع هذا الجسد، لكن الجملة الأخيرة جعلت زاوية عينه ترتعش، وابتسامة ساخرة مرت على طرف شفتيه.

«حتى الأساسيات قلّلتها بسبب كسل صاحب الجسد السابق...» تمتم ساخرًا، وضغط على الكتاب بين إصبعيه حتى ظهر بياض مفاصله بوضوح.

راودته فكرة مفاجئة أن يعود إلى أراضي عائلة ليوثان ويصرخ في وجوههم أنه لم يعد كايل الكسول. لكن سرعان ما تلاشت الفكرة من رأسه؛ أولًا لن يصدقوه، وثانيًا قد يشكون بوجود تلاعب أو رسائل سرية، مما قد يجلب انتباه معبد الحياة ويحوله إلى مركز اهتمام حاكمة الحياة نفسها. لذلك لم ينوِ كايل العودة قبل أن يُكمل سنوات الأكاديمية.

تنهد وأعاد تركيزه على الكلمات أمامه:

> حسنًا، إن اخترقت رتبة البرونزي المنخفض، قد تعتقد أنك أصبحت فارسًا. مبروك! أنت لم تصبح فارسًا بعد، بل دخلت فقط عالم الفرسان.

قطب حاجبيه، شعر أن هناك شيئًا غريبًا. «كيف يعني لست فارسًا بعد؟» تمتم بصوت خافت، ثم تابع القراءة وهو ينقر بإصبعه على حافة الصفحة.

> يجب أن تكون متشككًا الآن وهذا أمر طبيعي، لأنك كنت تهرب من حصص التدريب أو تنام في الزوايا.

ارتعشت عيناه مرة أخرى، قبض على حافة الكتاب بقوة حتى سُمِع خشخشة الورق.

> أولًا: من أجل أن تصبح فارسًا، عليك إيقاظ الهالة. هكذا تصبح متدرب فارس برونزي منخفض.

ثانيًا: عليك تحويل تلك الهالة إلى مادة سميكة.

ثالثًا: تدير الهالة السميكة في جسدك.

رابعًا: تُشكّل نواة تُسمّى «بذرة الحياة».

أغلق كايل عينيه بقوة وشعر بخيبة مختلطة بالغضب. «اللعنة عليك يا كايل! لماذا لم تدرس من قبل أو تسمع الشرح على الأقل!» همس بحدّة، وضرب جبهته بباطن كفه قبل أن يزفر ببطء.

لو رآه أحد الآن لقال إنه مجنون يشتم نفسه. أخذ نفسًا عميقًا وأعاد تركيزه على الكتاب مجددًا.

> من أجل جعل هالتك سميكة، عليك أولًا جعلها كثيفة وفي الوقت نفسه دمجها في دمك وتركها تدور تلقائيًا عبر عروقك لتجد مسارًا مناسبًا يسهل دورتها عندما تُنشئ بذرة الحياة.

قرأ كايل كل ما هو مكتوب في الكتاب وبدأ يفهم ما يجب عليه فعله، ثم توقف عند هذا الحد.

«أعتقد أن هذا هو الحد الأقصى الذي كانت عائلة ليوثان تتوقعه من كايل سابقًا بسبب كسله.»

أغلق كايل الكتاب وبدأ يُراجع الخطوات التي يجب أن يفعلها.

«حسنًا، من أجل جعل هالتي سميكة، أحتاج إلى استهلاك موارد الزراعة وتقوية جسدي عبر تمرين بدني.»

أخرج كايل ورقة كان قد دوّن عليها سابقًا ما يمتلكه من موارد. بسرعة وقعت عيناه على موارد الزراعة، فظهرت ابتسامة خفيفة على وجهه.

«يبدو أنه تم إعداد الموارد بدقة متناهية تكفيني لجعل هالتي سميكة.»

قد يرى البعض أن هذا جيد، لكن بالنسبة إلى كايل، لو كان صاحب الجسد المعروف بكسله فلن تكفيه هذه الموارد إن كان يريد أن يصبح فارسًا برونزيًا حقيقيًا ويسير في طريق الفرسان؛ لذا سيضطر إلى العمل وإيجاد حلول.

«للأسف، أنا لست كايل الكسول. أنا روح جديدة في هذا الجسد ومع غشي سأصبح فارسًا برونزيًا منخفضًا حقيقيًا بسرعة.»

هكذا بدأ تدريبه، لكنه لم يتعجل في استهلاك موارد الزراعة، إذ مع استهلاك هذه الموارد يحتاج إلى تدريب جسده، غير أن الوقت والمكان ليسا مناسبين لذلك حاليًا، فأجّل الأمر، لكن هذا لم يمنعه من جعل هالته أقوى؛ لذا بدأ يتأمل بهدوء.

---

في غمضة عين، مرّ أسبوع كامل منذ تجسد كايل في هذا العالم. خلال هذا الأسبوع فعل أولًا:

فعّل اللمسة الذهبية على العناصر لكنها لم تنتج شيئًا مفيدًا له، لذلك قرر بيعها في مزاد، نعم سيعرضها في مزاد في العاصمة المركزية بشرق مملكة أستاليا قبل أن يستخدم البوابة للانتقال إليها.

[الاسم: مزهرية زهور ضوء القمر

الوظيفة: تجعل الزهور تنبض بالحياة ولا تموت بسهولة، خاصة زهر القمر.]

[الاسم: مشط شعر فضي

الوظيفة: يجعل تسريحة الشعر جذابة وثابتة ويقوي الشعر.]

[الاسم: قلادة الحياة

الوظيفة: تمنح هدوءًا وتركيزًا أثناء الصلاة وتُبقي الجسم نشيطًا ومليئًا بالحياة.]

رغم أن لهذه العناصر وظائف، إلا أنها بلا فائدة له، لكنها قد تنفع آخرين.

ثانيًا: بحث عن عناصر أخرى لكنه للأسف لم يجد شيئًا، غير أنه حصل على خريطة حقيقية نحو المدينة التالية. قد تقول: وهل يبيعون خرائط مزوّرة؟ الجواب: نعم، وبكثرة.

ثالثًا: اشترى الإمدادات اللازمة لرحلته عبر البرية.

وهكذا وقف كايل في صف عند بوابة سور المدينة، حيث كان كثير من الناس يدخلون أو يخرجون، وعربات مختلفة تُجرّ بخيول. لاحظ كايل عدة أمور عند هذه البوابة:

أولًا، هناك ممر خاص للنبلاء لا يتم تفتيشهم فيه. ثانيًا، هناك ممر للعامة يُدقَّق فيه بدقة عند الدخول، لكن من يخرجون لا يتم تفتيشهم.

تمتم كايل لنفسه:

«غريب أمر هذا العالم... نظامه لا يسير على ما يرام.»

لكن بالنسبة لكايل كان هذا جيدًا، فهو يوفّر عليه كثيرًا من المتاعب.

بسرعة خرج كايل من المدينة، حيث ضربت رائحة الأرض أنفه. استنشق هواءً لم يحمل رائحة كريهة لبراز الحيوانات والبشر كما في شوارع المدينة.

«من أجل الوصول إلى وجهتي التالية عليّ المرور عبر الغابة.»

اتخذ كايل قراره وبدأ يسير على جانب الطريق الذي صنعته العربات التي تجرّها الخيول.

____

رايك في فصل

2025/07/02 · 77 مشاهدة · 1227 كلمة
General_13
نادي الروايات - 2025