القهقهةُ الصغيرة التي خرجت من "آني" لم تكن خفيفة… بل كانت مُرّة.

‎نظرت إلى رقعة "سجال الممالك"، ثم إلى تشاي، ثم إلى نفسها.

‎قالت وهي تضع الكأس على الطاولة:

‎— خسرتُ مرتين… في ساعتين فقط؟

‎هذا لا يُحتمل.

‎تشاي ابتسم، لم يتفاخر.

‎بل قال بهدوء:

‎— أحيانًا الخسارة أفضل من انتصار سريع لا طعم له.

‎رفعت حاجبها، ثم قالت:

‎— لا، لا تُحاول تبرير الأمر.

‎أريد لعبة… أُجيدها.

‎أجاب بسخرية لطيفة:

‎— هل تُجيدين القتل، أو الطيران، أو قراءة الأفكار؟

‎قالت فورًا:

‎— لا، بل "لعبة عراك اليد".

‎إن كنتَ لا تعرفها… فأنت في ورطة.

‎تشاي انحنى للخلف، يضحك بخفة: — عراك اليد؟

‎تقصدين اللعبة التي يضرب فيها أحدهم كفّ الآخر إن تحرك؟

‎— بالضبط.

‎وضعت يديها على الطاولة.

‎راحة يدها إلى الأعلى، والثانية فوقها، كأنها في وضع استعداد.

‎قالت:

‎— لن ترى الشفقة في هذه الجولة.

‎تشاي مدّ يديه ببطء…

‎ورفع حاجبيه:

‎— إذًا… ابدئي.

‎الجولة الأولى.

‎آني تهجم بسرعة!

‎تشاي يسحب يده كأنّه قرأ الحركة مسبقًا.

‎قال مبتسمًا:

‎— لا بأس، أملك ردود فعل جيّدة.

‎الجولة الثانية.

‎ضربت آني…

‎لكنه أخرج يده في اللحظة الأخيرة.

‎ضحكت:

‎— هل تُجيد التنبؤ بالحركات أيضًا؟

‎أجاب:

‎— لا، فقط… أُجيد قراءة عينيكِ.

‎الجولة الثالثة.

‎آني تكشر بجدية، تتحرك…

‎لكنه يسحب يده في التوقيت ذاته.

‎صرخت:

‎— تشاااي!

‎ضحك، وقال:

‎— حسنًا… هذه المرة، سأُركّز على فنجاني، لا على يدي.

‎الجولة الرابعة.

‎آني تهجم.

‎ضربت.

‎صوت "طراخ!" صغير، ويد تشاي ترتجف.

‎انتصار.

‎سكت لحظة، ينظر إلى يده… ثم إلى وجهها.

‎قال:

‎— يبدو أنني تأخرتُ.

‎قالت وهي تبتسم بثقة:

‎— أم أنك تعمّدت الخسارة؟

‎نظر إليها مباشرة، بابتسامة لا تُفسَّر بسهولة:

‎— بعض المعارك… نربحها أكثر عندما نخسر فيها.

‎آني صمتت…

‎ثم نظرت إلى يدها.

‎قالت:

‎— إذًا… 2 – 1؟

‎ردّ:

‎— لا… 2 – 2.

‎هذه الجولة كانت لكِ… لكنّ النتيجة؟

‎تعادل.

‎وفي الزاوية…

‎كان السّرفور ينظر إليهما، ويهمس في نفسه:

‎"هذان الاثنان... إمّا يقعان في الحب، أو في المصيبة."

‎ – الساعة 12:04 ظهراً

‎كان فنجان القهوة الثالث يبرد على الطاولة.

‎ضحكاتٌ هادئة تتسلل من الزاوية التي جمعت "تشاي" و"آني"،

‎ورقعة "سجال الممالك" ما تزال مفتوحة، وعليها حجارة صغيرة بلا حركة…

‎الهدنة الأخيرة.

‎تشاي قال وهو يتكئ على الطاولة:

‎— لم أتوقع أن ينتهي صباحي بهذه الطريقة.

‎آني ابتسمت:

‎— ولم أتوقع أن أسمح لأحدهم أن يراني وأنا أخسر… مرتين.

‎قبل أن يردّ،

‎اهتزَّ هاتفها المحمول على الطاولة.

‎اسم المتصل: الجدة

‎صورة مزينة بإطار قلب صغير.

‎آني نظرت إلى الاسم، ثم رفعت الهاتف سريعًا:

‎— مرحبًا يا جدتي…

‎سكتت للحظة، ثم قالت بصوت مرتبك:

‎— آه؟ الآن؟

‎حسنًا… طبعًا، سأأتي فورًا.

‎أغلقت المكالمة بتنهيدة خفيفة، ثم قالت وهي تنهض:

‎— عليّ الذهاب، الجدة تريدني أن أطبخ لها.

‎تشاي رفع حاجبيه:

‎— هل تجيدين الطبخ أيضًا؟

‎لا يكفي أنك قاتلة وشطرنجية محترفة؟

‎قالت وهي تضحك:

‎— أُجيد طهي العدس على طريقتها فقط…

‎وهي طريقة تعتبرها "فنًّا مقدّسًا".

‎جمعَت معطفها، وألقت نظرة على الطاولة، ثم على وجهه:

‎— كان صباحًا… غير عادي.

‎ردّ وهو يرفع فنجانه:

‎— نعم، نادرًا ما أضحك في لقاءي الثاني مع أحد.

‎ترددت لوهلة… ثم قالت:

‎— إذًا… الجولة الثالثة ستكون لاحقًا؟

‎قال بثقة:

‎— بالتأكيد. لكن أحضري معكِ الجدة…

‎أودّ تذوق "الفن المقدّس".

‎ضحكت وهي تلوّح بيدها،

‎ثم استدارت، وغادرت المقهى بخطواتٍ هادئة.

2025/08/03 · 3 مشاهدة · 608 كلمة
onitchannn
نادي الروايات - 2025