33 - الرعب الصامت: هزيمة دون قتال

شعر لوكي بصعوبةٍ في التنفّس بسبب غضب المانا، حتى إنها بدأت تنفر منه، كما لو أنه كل ما استمرّ قريبًا منه سيتحوّل إلى عدمٍ صامتٍ يبتلع الوجود..

كانت الشعيرات الدموية في عينيه حمراء، وبشرته أصبحت أقلّ إشراقًا بسبب الاختناق.

لم يفهم لوكي لماذا يحدث هذا، خاصةً وأن سلالات التنانين تمتلك تقرّبًا طبيعيًا من المانا، أي أنه من المستحيل أن يحدث شيء كهذا. سيكون الأمر مثل أن تغرق سمكة في الماء، وهذا سخيف ومستحيل.

فجأة، خطرت له فكرة، فنظر إلى أريس الذي كان يقف أمامه، وتلك الابتسامة الخفيفة ارتسمت على وجهه، وبريق ضوءٍ لامع في عينيه.

فكر في نفسه:

"هل يمكن أن يكون بسبب أريس؟ لكن لماذا؟"

لم يفهم السبب، حتى اخترق شعاعٌ إدراكه، وفهم الأمر.

"السبب هو أنني رأيت ما لا يجب أن يُرى، وهذا تسبّب في نفور المانا وغضبها مني... لكنها من الواضح أنه شخص سيتسبّب في فوضى في هذا العالم."

لم يفهم السبب تمامًا، بينما كان الجميع يراقبون عبر شاشات ساعاتهم بحماسٍ في انتظار القتال، لكنهم بدأوا يتساءلون عمّا يحدث مع لوكي.

"ماذا يحدث معه؟"

"يبدو أنه يعاني ضيق تنفّس."

"هل هو بخير؟ لن يموت، أليس كذلك؟"

"هههه، هذا بسبب الخوف."

"نعم، لقد رأى رعب أريس من قبل، لكن غروره أوصله إلى هذه الحالة."

انتشرت الهمسات بين الطلاب، وكل واحدٍ يستنتج من رأسه.

في ساحة التدريب، لم تعد هيلا تستطيع التحمّل، فتقدّمت وصرخت بقوةٍ:

"لوكي! ماذا حدث معك؟! اسحقه بسرعة وأظهر لي ذلك المغرور مكانتها !"

لكن مهما صرخت، لم يصل صوتها إلى لوكي، إذ أصبح معزولًا عن العالم.

غرق في خوفٍ ورعبٍ وحيرةٍ مما يحدث.

تركّز نظره فقط على أريس، الذي بدا له وكأنه عملاقٌ يقف أمامه، قادرٌ على سحقه بسهولة.

لاحظ حركة فم أريس، لكنه لم يسمع أي صوتٍ يخرج منه، ولم يلحظ أحدٌ ذلك سوى لوكي.

"يكفي."

كلمةٌ واحدة، جعلت كل شيءٍ يتوقّف.

شعر لوكي بأنه يتحرّر من سلاسل كانت تسحبه نحو صمتٍ أبدي، كما أن المانا خفّفت ضغطها عليه وبدأت تهدأ.

يلهث... يلهث...

تمكّن أخيرًا من التنفّس، بينما شعر جسده بساترخاء لكن عينيه امتلأتا بخوفٍ خالص.

"هذا ليس بشريًّا... نعم، هذا لم يعد في مستوى كارثة، لقد تجاوز ذلك."

بينما كان يلتقط أنفاسه، بدأ يفكر. لقد فهم سبب تقييد السلاسل الرمادية له.

شخصٌ يستطيع إصدار أوامره إلى طاقة المانا كما لو كانت جنودًا يتلقّون الأوامر، وكل هذا بعينٍ واحدةٍ فقط مكشوفة.

لم يعد بإمكانه حتى تخيّل كيف سيكون حين يتحرّر من السلاسل الرمادية ويصل إلى أقصى مستواه.

كلّ هذا الذي حدث كان نتيجة ردّة فعلٍ بسبب تجسّسه على سرٍّ لا يجب أن يراه أحد.

أمّا سبب توقّف المانا عندما تكلّم أريس فيعود إلى جسد الفوضى،

بينما السلاسل الرمادية هي التي تقيّد قوّة أريس لمنعها من تدمير العوالم وإعادة كتابتها بشكلٍ عشوائي،

وفي الوقت نفسه تعمل كآلية حمايةٍ خاصةٍ له، لأن جسده لن يتحمّل تلك القوّة.

تقدّمت مي وهي تستعد لإعلان بداية المباراة، لكن لوكي رفع يده.

"أنا... أستسلم."

كلمتان فقط، لكنهما خرجتا بنبرةِ هزيمةٍ واضحةٍ كوضوح الشمس.

صُدم الجميع، ولم يستطيعوا تصديق ما سمعوه... لوكي استسلم!

يجب أن تعلم أن عِرق التنانين بكل أنواعه لا يستسلم مهما كان الأمر، فهذا الكبرياء محفورٌ في عظامهم.

"لوكي! ماذا تفعل؟!"

صرخت هيلا بقوةٍ كبيرة، والغضب والحيرة واضحان على وجهها.

استدار لوكي ونظر إليها، وعيناه الذهبيتان تقولان كل شيء.

"أنا أعترف أنه أقوى مني، لا... بل جميعكم، أتباع أوامر قائد فصلٍ مثله، أفضل."

تكلّم لوكي بنبرةٍ تجمع بين الهزيمة والاعتراف.

صُدمت هيلا، فهي تعرف لوكي منذ الطفولة.

لطالما كان عنيدًا، مثابرًا، صبورًا، مغرورًا وذكيًّا.

حتى عندما قابل أميرة التنانين، لم يركع أمامها كالكلب، بل تصرّف بأدب الأرستقراطيين.

لكن اليوم... اعترف بخسارته، بل قبل بوجود قائدٍ يأمره.

مي، التي كانت تقف جانبًا مستعدةً لرفع يدها وإعلان بداية المباراة، توقّفت.

نظرت بتمعّنٍ إلى لوكي، قبل أن تتحوّل نظرتها إلى أريس، الذي أصبح أكثر غموضًا، حيث ضبابٍ يحجب الحقائق حولها.

أما «أريس»، الذي كان يقف بهدوء، حيث توقّع أن تكون نهاية الأمور هكذا،

تمتم لنفسه بصوتٍ خافتٍ لا يسمعه أحد:

"أحيانًا من الأفضل عدم الاقتراب من أشياء لا يجب رؤيتها."

لم يكن «أريس» يعرف ما رآه «لوكي» حوله بعيني السماء، ولم يُبدِ اهتمامًا بالأمر، لكنه فكّر في أحد ألقاب «لوكي».

يعود الزمن قليلًا إلى الوراء...

عندما صعد «لوكي» واستخدم قدرته على «أريس»، لم يكن وحده من بدأ بالتحليل.

فـ«أريس»، أول ما فعله، كان تفعيل «عين الملك» عليه.

ظهر أمامه ضوء أزرق باهت يتراقص في الهواء، كنافذةٍ سحريةٍ شفافة، ينبعث منها صوت طفيف كتنفّس المانا:

[الاسم: لوكي

الألقاب: حامي البطل (أكبر مساندٍ ودعمٍ للبطل) – التنين المجنون (عندما يصل إلى حالةٍ حرجة يدخل في جنونٍ وترتفع صفاته) – عيون السماء (يمتلك عيون تنينٍ قديمة تسمح له برؤية ما لا تراه عيون القيود القوية)

المهنة: ساحر قتالٍ متلاحم

الرتبة: نجمة واحدة

الموهبة: SS

الخوف: +100]

عندما رأى «أريس» معلومات «لوكي»، اتّسعت عيناه قليلًا، وشعر ببرودةٍ خفيفةٍ تمرّ على جلده، كأن نَسمةً من الماضي لامسته.

تذكّره مباشرة، رغم أنّ الاسم قد غاب عن ذاكرته منذ زمنٍ بعيد، لأنه في المستقبل لا يُعرف باسمه الحقيقي، بل بلقب تنين الدم.

في ذكريات «أريس»، كان لـ«تنين الدم» قدرةُ عيونٍ مميّزة، وكان في بدايته أحد أتباع «ريان»، لكن فجأةً أخذ طريق الشر، حيث قتل العديد من التنانين الحقيقية أو الفرعية، وامتصّ دماءهم ليصبح ما يُعرف بـ«تنين الكمال».

همس «أريس» لنفسه، وعيناه تتبعان خيط دخانٍ يتلاشى في الهواء:

"حسب ما أذكر... كل ذلك بسبب فتاة."

ثم حرّك رأسه قليلًا نحو «هيلا»، صديقة طفولة «لوكي»، بينما لمع في عينيه بريقٌ غامضٌ لحظة النظر إليها.

"نعم... بسبب تلك الفتاة، حيث إنه مات على يد تنين، ومن هناك ظهر تنين الدم."

شعر «أريس» أن المعلومات التي لديه غير كاملة، نظر الي لوكي ، لتختلط أنفاسه برائحة المانا المحترقة في المكان.

في نهاية المطاف، كان قد سمع القصة فقط ولم يتعمّق فيها، لأنها لم تكن شأنًا يخصّ البشر، بل أمرًا يتعلق بالتنانين وأتباعهم.

_ _ _ _ _ _ _

عودة إلى الحاضر حيث نزل لوكي من على ساحة التدريب، بينما طوى أريس يده بهدوء.

تقدمت مي نحو أريس.

"أريس، هل تريد أن ترتاح؟ فقد استمررت في القتال منذ الصباح."

كان صوتها رقيقًا ومليئًا بالقلق والنصيحة.

نظر أريس إليها، ورغم أنه ما زال يشعر أنه لم يصل بعد إلى نهاية قدرته على التحمل، إلا أنه لم يُرِد إحراج الأستاذة مي.

في النهاية، هي قلقة عليه، كما أنه تسبب في عداوة نبلاء في الأكاديمية، لذلك يجب أن يكون في علاقة احترام مع مي من أجل تجنب عرقلة الأساتذة الآخرين.

كما تُعلم، فهي ساحرة من ثمانِ حلقات ومن عائلة كبيرة، أي لديها اعتبار في نظر الجميع.

"حسنًا، أعتقد أنها فكرة جيدة."

ابتسمت مي بلطف عندما رأت أن أريس لم يحرجها وقرر منح نفسه فترة راحة قصيرة قبل أن يستمر في الضرب بقية طلاب.

"أعتقد أنني سوف أرتاح ربع ساعة ثم أعود."

"نعم، هذا جيد."

شعرت مي أن ربع ساعة فترة قصيرة ولم تمنحه فترة راحة قبل أن يستمر في الضرب، لكنها لم تعترض.

أما بالنسبة للبقية، باستثناء كيرا، فسيَتعرّضون للضرب، وهذا واضح، حيث ان مي تعرف أن أريس لم يصل إلى حدوده بعد.

____

"شكرًا لكم جميعًا! بفضل الله وبفضلكم وصلتُ روايتي إلى المرتبة الأولى، ولا أستطيع أن أصف سعادتي وامتناني لدعمكم الرائع."

2025/10/16 · 95 مشاهدة · 1118 كلمة
sir
نادي الروايات - 2025