كان صوتُ اصطدامِ السيفِ والفأسِ مثلَ هديرِ الرعد، يملأ المكانَ بعنفٍ، بينما انتشرت رياحٌ عاصفة من شدّة الصدمة بين «أريس» و«سكار»، وارتفع الغبارُ كدوّامةٍ تلفّ ساحة القتال.
شعر جميع الطلاب الذين يشاهدون البثَّ المباشر بالإثارةِ، وبدأت صرخاتهم تعلو بحماسٍ غامر:
"أريس! اهزمه!"
"أره من هو القمّة!"
"أنت تستطيع فعلها!"
ارتفعت نبضات قلوبهم، وجرت في عروقهم موجةٌ من الأدرينالين كأنهم هم من يخوضون المعركة، وليسوا مجرد متفرجين خلف الشاشة.
في الميدان، كان «أريس» و«سكار» يتصادمان بقوةٍ مرعبة.
حاول «سكار» أن يأخذ ميزةً مستغلًا حجمه الضخم وقوته الجسدية الهائلة، إضافة إلى أساسه الثابت على الأرض كجبلٍ لا يهتز،
على عكس «أريس» صاحب البنية الأخفّ والأساس غير المستقر بعد إصاباته السابقة.
لكن المفاجأة أن «سكار» شعر كأنه يصطدم بجدارٍ من الحديد؛ لم يستطع الحصول على أي تفوق، وفي الوقت نفسه، لم يجد «أريس» فرصةً لكسر توازنه.
استمرّ التصادم لبضع ثوانٍ فقط، قبل أن ينفصل الاثنان ويتراجعا خطوةً إلى الخلف، تتطاير من تحت أقدامهما شظايا الحجارة المحترقة.
همست «هيلا» التي رأيت ذلك بنبرةٍ حادةٍ تحمل قلقًا مخفياً: "قوته الجسدية… لم تتأثر." كانت تتوقع أن يتأرجح أريس بسبب أساسه غير المستقر.
كانت ملامح الجدية تكسو وجه «سكار»، بينما وجه «أريس» كان خاليًا من أيّ مشاعر، كأنه تمثالٌ من جليدٍ في وسط الجحيم.
قال «سكار» بصوتٍ باردٍ وعيناه تتوهجان:
"أريس… أنت قوي، لكن هنا ستكون نهايتك."
ارتفعت حرارة فأسه فجأة، واشتعل بلهبٍ ذهبيٍّ لامعٍ أضاء المكان كله.
كان هذا هو فن عائلة ليث الملكية — لهب الشموس التسعة،
الفن الذي رفع عائلته إلى قمة العالم،
فكل إمبراطور يعتلي العرش من هذه السلالة يكون «فارس التسعة نجوم ».
هذا الفن يسمح لهم بتشكيل نجمٍ على شكل شمسٍ تحترق بطاقةٍ سماوية، تزيد من حرارة نيرانهم إلى مستوىٍ يتحدى المنطق.
والآن، كان «سكار» يدمج هذا الفن مع لهبه الذهبي الأشد حرارة في العالم... مشهدٌ كافٍ ليجعل الهواء نفسه يتشقق.
نظر «أريس» إليه دون أن يتحرك، وبدت في عينيه خيوطُ مانا ذهبية تتشابك حول جسد «سكار» مثل شبكةٍ مقيّدة.
بالنسبة له، كان كل ما عليه فعله هو قطعها… وكل ما يفعله خصمه بعد ذلك بلا فائدة.
ابتسم «أريس» بسخريةٍ قاتلة وقال:
"هل تظن أنك ستهزمني بشعلتك الصغيرة تلك؟ تصلح فقط لتكون نارَ مخيمٍ في ليلةٍ باردة."
اشتعل الغضب في عيني «سكار»، وظهرت عروقٌ بارزة على جبينه، فاندفع نحو «أريس» كوحشٍ مفترس.
رفع فأسه فوق رأسه، واجتمعت حوله النيران الذهبية حتى بدا وكأنه يحمل شمسًا بيديه.
"الشكل الأول: نزول الأسد الملكي!"
صرخ بصوتٍ مدوٍّ، وهجم بكل قوته!
لكن «أريس» لم يستخدم أي مهارة، فقط غلّف سيفه بطبقةٍ كثيفةٍ من الظلام، وصَدّ الهجوم في اللحظة نفسها التي قطع فيها خيوط المانا الذهبية.
تحطّمت الشعلة الذهبية لحظة الاصطدام، وتطايرت شراراتٌ تحرق الهواء برائحة الحديد المحترق.
اتّسعت عينا «سكار» من الصدمة —
لم يصدق أن هجومه فشل للمرة الأولى!
لكن «أريس» لم يمنحه فرصةً لالتقاط أنفاسه،
حرّك سيفه بسرعةٍ مذهلةٍ، واستدار بخفةٍ، تاركًا «سكار» يتقدّم بقوة اندفاعه، ثم رفع سيفه قاصدًا شقّه نصفين.
في تلك اللحظة أدرك «سكار» حجم الخطر،
شعر بندمٍ ورعبٍ عندما رأى برودة الموت في عيني «أريس».
حاول أن يغيّر وضعه لتجنّب الضربة، لكن «أريس» ابتسم بخفة، ابتسامة باردة زادت من ارتباك سكار .
توقف سيفه فجأة،ثم انطلقت قدمه اليمنى كالرعد، ضاربةً أضلاع «سكار» بقوةٍ كسرت العظام.
سمع الجميع صوت التحطم الواضح — طَقّ!
سقط «سكار» على ركبته، متكئًا على فأسه بصعوبة، بينما الدماء تسيل من فمه، تلطّخ الأرض الساخنة، وتملأ الجو برائحة الحديد والرماد.
همس لوكي بخوف عندما راي ذلك و هو يرتعش :"إنه يقاتل بدم بارد ، هذا ليست مجرد مبارزة ، انه قتال حقيقي ضد محترف "
لكن «أريس» لم يتوقف،اختفى من مكانه كأنه تبخر، ليظهر خلفه في الهواء،
وسيفه يلمع تحت أشعة الشمس كسيفٍ سماويٍّ يُعلن الحكم الأخير.
لكن «سكار» نهض بعزمٍ أخير، ولوّح بفأسه،
واصطدمت الشفرات مجددًا، متفجّرة بشراراتٍ ذهبيةٍ وسوداء،
بينما الهواء يهتزّ من شدّة القوة.
هذه المرة، كان ميزان القوة يميل بوضوح نحو «أريس»،
فإصابات «سكار» جعلت جسده يترنّح، ومع ذلك جمع آخر ما بقي من قوته،
وثنى ركبته ليطلق جسده للأمام، دافعًا «أريس» إلى الخلف.
ارتدّ «أريس» خطواتٍ قليلة، والغبار يلتف حوله،
وفي اللحظة التالية، انطلق «سكار» بهجومٍ ساحق، فأسه يغلي بنيرانٍ ذهبيةٍ تكاد تحرق الهواء نفسه.
حين رآه «أريس»، بدّل وضعية سيفه بسرعةٍ إلى وضعية الدرع،
وغلف نصل السيف بالظلام الكثيف استعدادًا للتصدي.
بوووم!
انفجارٌ عنيف هزّ الميدان، وارتفع الغبار من جديد،
تراجع «أريس» خطوةً إلى الخلف، بينما حرارة اللهب تكوي بشرته.
أراد «سكار» أن يهاجم مجددًا، لكن «أريس» كان أسرع،
تحرك بمرونةٍ وسرعةٍ مذهلة، وهجم بطعنةٍ مفاجئةٍ أجبرت «سكار» على تغيير اتجاهه في آخر لحظة.
هذه المرة، تعلّم من خطئه — علم أن جزءًا من الثانية قد يعني موته.
تبادلا الضربات بسرعةٍ خارقة،
تحركاتهما أصبحت كالظلال تتراقص وسط اللهب والدخان،
كلٌّ منهما يحمل جراحًا متعددة، لكن الحماس والجنون في المعركة جعلهما لا يشعران بالألم.
تراجعا قليلًا، وتبادل كلاهما النظرات — نظرة مقاتلين يعرفان أن هذه الجولة ستقرر النهاية.
"الشكل الثاني: زئير الأسد الملكي!"
صرخ «سكار»، وهو يطلق فأسه في هجومٍ عملاق،
موجةٌ من اللهب الذهبي انطلقت على شكل رأس أسدٍ ضخمٍ يزأر بقوةٍ تكاد تُمزّق السماء.
جمع «أريس» ماناه المظلمة في سيفه،
وصاح بصوتٍ منخفضٍ لكنه مخيف:
"نقطة الصفر."
ذلك الهجوم… الذي أصاب ملك الشياطين «إنتاريس» من قبل،
عاد الآن ليتألق من جديد.
تحرك أريس بخطٍ مستقيمٍ خاطفٍ،
وقطع بخطٍّ دقيقٍ خيوط المانا الذهبية،
فبدّد هجوم «سكار» كأنه لم يكن،
ثم اخترقه وتجاوزه في لحظةٍ خاطفة.
وقف الاثنان وظهريهما متقابلان،
الصمت يملأ المكان، والهواء يعبق برائحة الدخان والدماء الساخنة.
قال «سكار» بصوتٍ خافتٍ قبل أن يسقط أرضًا:
"لقد… خسرت."
ثم غاب عن الوعي، وفأسه سقط بجانبه، بينما دماؤه ترسم خطًا أحمر على الأرض المتشققة.
أما «أريس» فبقي واقفًا، ساكنًا كالصخر،
عيناه معلقتان بالأفق، كأنه يرى شيئًا بعيدًا لا يستطيع أحدٌ سواه أن يراه.
رغم الجدار الشاهق أمامه، لم يمنعه ذلك من النظر إلى القمة… هدفه الأبدي.
لكن بينما غرق في تفكيره،
بدأ سيفه يصدر صوتَ تشققٍ خافت،
ظهرت عليه شقوقٌ متتالية، ثم تحطم ببطءٍ إلى شظايا صغيرةٍ سقطت على الأرض،
مُصدرةً رنينًا معدنيًا حزينًا كأنها تبكي نهاية معركةٍ عظيمة.
بعد أن تأمّل أريس لبضع ثوانٍ، بينما كان الطاقم الطبي يُسعف سكار ويحمله نحو المستشفى، التفت نحوه بهدوء، رغم أنه كان فاقدًا للوعي.
قال بصوت منخفض، يحمل نبرة احترامٍ خافتة:
"لقد استمتعت… لم أخض نزالًا كهذا منذ زمنٍ طويل."
ارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفة، لا تحمل سخرية بل صدى حنينٍ بعيدٍ للقتال الحقيقي.
خفض بصره نحو مقبض السيف المحطم الذي بقي عالقًا في يده، وامتزجت رائحة الحديد بالدم والعرق في الهواء.
نظر إليه طويلاً قبل أن يتمتم بصوتٍ بالكاد يُسمع:
"سأحتفظ بك… ذكرى من نزالٍ لن يُنسى."
شد قبضته على المقبض، ثم خطا ببطء خارج الحلبة.
كانت خطواته تُحدث صدى خفيفًا فوق الأرضية المعدنية، فيما كان الغبار يتراقص خلفه تحت أضواء الساحة المتقطّعة.
كل العيون كانت تتابعه في صمتٍ مذهول — بعضهم بعيون متسعة، وآخرون بأنفاسٍ محبوسة.
وفجأة، دوّى صوته من بعيد، حاملاً نغمة هادئة لكن مهيبة:
"أستاذة مي… بما أنني أصبحتُ رئيس فصل (الأين)، أرجو أن تُرسلوا نقاط الأكاديمية إليّ."
ثم غمر المكان صمتٌ ثقيل بعد أن اختفى صوته داخل ظلام الممر الطويل.
كان يسير بخطواتٍ ثابتة، الهواء البارد يمرّ بجانبه كأن الظلال نفسها تفسح له الطريق.
لم يكن بحاجة إلى المزيد من القتال الآن؛ أقوى خصمٍ سقط، والآخرون — ربما سيلينا وزينيثا في مستوي سكار— لكن هذا لن يُثيروا اهتمامه في الوقت الراهن.
ما يحتاجه الآن ليس نزالًا، بل تثبيت أساسه، فهمُ قوته، وصقل ما اشتعل في داخله من رغبةٍ خام.
ابتسم بخفة، بينما همس لنفسه وهو يخرج من البوابة الخلفية:
"الحديد ضد الحديد… هذا هو القتال الحقيقي."
وراح صدى خطاه يختفي ببطء، تاركًا خلفه رائحة الدم والعرق والدخان، وأجواءً مشبعة بالرهبة والإعجاب.