الفصل 67 - ثقل بلا معني

بدأ صوت الجماهير يزداد مرة أخرى، لكن لوكاس بقي ثابتًا، قلبه يدق في صدره، ثقل اللحظة يهوي عليه. من بعيد، كان يسمع ضحك أبو سيمان مرة أخرى، لكنه لم يعد يشعر بنفس شعور الانتصار الذي كان يشعر به من قبل. كان هناك شيء آخر إدراك أن هذا لم يكن مجرد نهاية للبطولة. كانت بداية لشيء أكبر بكثير.

حل الليل، واتسعت الظلمة السوداء للفضاء اللامتناهي خلف جدران مجمع النصر. كانت النجوم تتلألأ مثل الألماس المتناثر عبر السجادة الواسعة للكون، كل واحدة منها شاهدًا صامتًا على العرض الذي جرى على الحلبة ورغم جمال الكون الصامت، كانت أجنحة مجمع النصر لا تزال مليئة بالحركة. الأضواء تومض ساطعة، والزينة تتدلى من كل زاوية، وأصوات الهتافات المبتهجة تتردد في أرجاء القاعات. وقف الجنود في وضع الانتباه، وجوههم جامدة، فخورين وهم يُحيّون الأبطال الذين أصبحوا الآن جزءًا من النجوم.

جلس لوكاس وحده على الشرفة، ظهره للاحتفالات داخل المجمع. كان الهواء باردًا، يحمل رائحة الكون الخفيفة، في تناقض حاد مع حرارة المعركة التي لا تزال تتدفق في عروقه. كانت عينيه مثبتتين على النجوم، تلك النجوم التي كانت دائمًا رفقته منذ طفولته، لكن تلك الليلة، بدت له مختلفة.

كأس من عصير فاكهة السبارك النادر كان جالسًا أمامه دون أن يمسّه. السائل، اللامع كذهب منصهر، يعكس الضوء من المصابيح القريبة، مُلقيًا بظلال طويلة على الطاولة. كان رمزًا للنصر، للقوة، لكنه شعر وكأنه فارغ مثل الفضاء الذي يحيط به.

"الآن أصبح لدي كوكب... هاه." تمتم لوكاس لنفسه، صوته خافت، يكاد لا يُصدق.

ضحك، وكان الصوت منخفضًا وجافًا، ليس من باب المرح، بل مزيج من عدم التصديق والشك. لقد قاتل من أجل هذا لا، لقد

حارب

من أجل هذا لكن الآن وهو يقف على حافة هذا النصر، شعر لوكاس وكأنه طفل يحمل سيفًا أثقل من أن يتعامل معه.

"كيف... حدث كل هذا؟" همس في الليل.

مرَّت أصابعه على الوثيقة التي كانت أمامه، أطرافها حادة. كانت قد سُلّمت له من قبل المذيع، بحضور رسمي يُحس به في ذهنه حتى الآن. التقطها، وكانت يداه ترتجفان قليلاً، رغم أنه لم يكن يستطيع تحديد ما إذا كان ذلك بسبب برودة هواء الليل أم شيئًا أعمق داخل نفسه.

كوكب ليريا...

كانت الكلمات على الورقة تتلألأ وتتحرك أمام عينيه، وكأنها جزء من حلم لم يكن متأكدًا إذا كان يريد الاستيقاظ منه أم لا.

المالك: لوكاس آرثر النوع: كوكب فرعي – الدرجة الثانية الرمز: GX-98 ليريا الموقع: مدار النظام الثالث، منطقة حزام الفجر

مرَّ إبهامه على الاسم، وكأنه يتوقع أن يتغير، أن ينزلق منه بطريقة ما. لكنه لم يتغير. بقيت الكلمات هناك، ثابتة. حقيقية.

استرخى لوكاس في كرسيه، وأدار عينيه نحو النجوم مرة أخرى. كانت دائمًا بعيدة، باردة حتى. ولكن الآن، بدت أقرب، كشيء ضمن متناوله، لكنه لا يزال بعيدًا.

كوكب ليريا...

كان الاسم يتردد في ذهنه، لحن بلا نغمة، مجرد صوت لمستقبل لم يستطع بعد أن يدركه.

كنا مجرد مقاتلين قبل أيام قليلة. مجرد أيام قليلة…

كان ذلك يكاد يُضحك. حياة كاملة من الصراع، معارك خيضت بالدم والعرق، وفي النهاية، هو أصبح

مالك

لكوكب.

أسيادًا

على الأرض والناس. لكن كيف يمكن أن يشعر ذلك بأي شيء سوى ثقل؟ كيف يمكن أن يشعر بأي شيء سوى سلسلة تجذبه إلى مكان لم يكن ينوي أن يكون فيه؟

حدق في الوثيقة بين يديه، كانت أصابعه ترتجف كما لو أنها قد تحرقه. كانت حقيقة الأمر خانقة. كان يشعر بثقل كل كلمة، كل حرف محفور في مصيره.

"الآن... أنا سيد" همس لوكاس، بالكاد يُصدق الكلمات التي خرجت من فمه. كان صوته ثقيلًا بمزيج غريب من الإعجاب والخوف، كما لو كان يتحدث إلى شبح، واحد كان قد غادر هذا العالم منذ وقت طويل لكنه لا يزال يحمل السلطة عليه.

سادت فترة من الصمت، كانت ثقيلة. كان ذلك كأنها تضغط عليه، تخنقه في هدوء الليل. لم يكن يستطيع الهروب منها، مهما حاول. كان الهواء من حوله هادئًا جدًا، ساكنًا للغاية، كما لو أن الكون كان يوقف نفسه عن التنفس، ينتظر أن يتخذ قرارًا.

ثم، من أعماق المجمع، انقطع الصمت همس جهاز الاتصال الداخلي، كان الصوت حادًا وآليًا، تذكيرًا بالواقع البارد الذي لا يستطيع الهروب منه.

"يرجى التحضير للنقل إلى القصر النجمي غدًا في الساعة 0700 بالتوقيت القياسي المجري." قال الصوت بتعليمات رسمية، كما لو أن هذه الأحداث أصبحت مجرد إجراءات روتينية. "سيتم تتويجكم رسميًا كمالكين للكوكب، وستستلمون مفاتيح كوكبكم."

كانت الكلمات كضربة مادية، وللحظة، لم يستطع لوكاس التنفس.

القصر النجمي.

مفاتيح الكوكب.

لقد فاز بالبطولة، نعم، لكن ما الذي فاز من أجله؟ كوكب، جائزة أثقل من أن تُحمل، أبعد من أن تُفهم.

وقف، تاركًا كأس العصير دون أن يمسّه، واتجه نحو الدرابزين على الشرفة. كانت النجوم لا تزال هناك، أبدية وثابتة، لكن لأول مرة، بدت غريبة عليه، كما لو أنها فقدت معناها. النصر لا،

هذا النصر

كان أكثر من أن يتحمله بمفرده. أكثر من رجل كان قد حلم فقط بالبقاء على قيد الحياة.

من أعماق المجمع، ترددت في ذهنه صوت دارلين. كان يكاد يسمعها الآن، حضورها الهادئ يوجهه، مُذكرًا إياه أنهم لم يكونوا وحدهم في هذا.

أغمض عينيه، محاولًا التخلص من الثقل الذي يضغط عليه. غدًا، سيكون مُتوّجًا كحاكم. لكن الليلة، كان لا يزال مجرد رجل.

رجل فاز بأغلى جوائز الكون ولم يكن لديه فكرة ماذا يفعل بها.

"كوكب ليريا," همس لوكاس للليل. كان الاسم يبدو مختلفًا الآن، أكثر واقعية، أكثر ملموسة. لم يكن لوكاس مجرد لوكاس بعد الآن. كان لوكاس آرثر، سيد ليريا. حاكم. قائد. وغدًا، سيبدأ كل شيء.

بينما كانت آخر رسالة من الاتصال الداخلي تتلاشى في الصمت، أخذ لوكاس نفسًا عميقًا، وأدار نظره أخيرًا عن النجوم. كان قلبه ينبض بثبات، لم يعد هناك شك. لم يكن لديه خيار سوى المضي قدمًا. غدًا سيأتي، سواء كان مستعدًا أم لا

2025/04/21 · 6 مشاهدة · 885 كلمة
EVILNOTE
نادي الروايات - 2025