دخل رين الغرفة وهو يجر قدميه جَرًّا، وكأنه قد حارب تنينًا بلا أنفاس، أو على الأقل، ناطحة سحاب من العضلات. كانت خصلات شعره ملتصقة بجبينه من شدة التعرق، وثيابه ممزقة في بعض المواضع، فيما عيناه تصرخان بكلمة واحدة: "كفى!"
رين (بأنين مبحوح): "أخيرًا... انتهى ذلك التدريب القاتل... أشعر وكأنني أحتاج إلى إجازة تمتد ألف عام."
وما إن اقترب من الأريكة، حتى توقفت خطواته فجأة، عندما أبصر مشهدًا غير مألوف: طفل صغير، يجلس على الطاولة بكل برود، وكأن العالم لا يعنيه.
رين (رافعًا حاجبه، بصوت باهت): "أوه؟ مرحبًا، ريو."
ريو (يلوح بكفّه، ساخرًا): "لماذا أنت الوحيد الذي لم يُصدم من مظهري؟"
رين (بابتسامة مرهقة): "أوي، ريو، نسيت أنني رأيت شكلك الحقيقي من قبل؟"
ريو (ضاحكًا وهو يهز رأسه): "آه... صح! أنسى أحيانًا أنني مكشوف عند البعض."
لكن ذلك السلام القصير لم يدم طويلًا، إذ بدأت إليريا تتحرك في مقعدها ببطء، وكأنها تستيقظ من كابوس طويل. نظرت إلى ريو، ثم إلى رين، ثم عادت نحو ريو، وعيناها تتسعان أكثر في كل لحظة.
إليريا (بصوت مبحوح): "هذا... هذا هو ريو؟! هذا الطفل... هو من تعتمد عليه المملكة؟!"
ريو (بهدوء واعتزاز طفولي): "نعم. ريو... بطل مملكة النار، في هيئة مصغرة ومحبوبة."
إليريا (تنهض فجأة، بصرامة): "سنتأكد من ذلك... الآن!"
وما إن أنهى جملته، حتى كانت قد أمسكت بيده وسحبته خلفها نحو ساحة المعركة، دون أن تتيح له حتى التقاط قطعة حلوى واحدة.
---
في ساحة القتال...
الهواء كان مشحونًا، والسكون يلف المكان، باستثناء بعض الحاضرين من الحرس والنخبة. في المنتصف، وقف ريو الصغير، بينما من الطرف المقابل دخل رجل ضخم، يكاد حجمه يبتلع ظلّه. كانت هالته أشبه بزئير صامت.
إليريا (بصوت حازم): "إن كنت حقًا ريو... فأثبت ذلك."
الخصم (ضاحكًا، بازدراء): "أقاتل... طفلًا؟! هل هذا عرض سركي؟"
ريو (ينظر إليه ببرود قاتل): "كن مطمئنًا... هذا العرض سيبقى في كوابيسك."
الخصم: "ماذا قلت للت-أه؟!"
لم يُكمل جملته، إذ بدأت قدماه تتحركان رغماً عنه. أولاً خطوة... ثم قفزة... ثم استدار وهو يصرخ، قبل أن يبدأ بالرقص بشكل هستيري.
الجمهور (بدهشة): "ماذا... بحق الآلهة؟!"
كان ريو يلوّح بإصبعه في الهواء، وكأنما يعزف على وترٍ غير مرئي، وجسد الرجل يتراقص وكأنه دمية مربوطة بخيوط غير مرئية.
ريو (ساخرًا، يغمز للجمهور): "قليل من القفز هنا... وبعض الرقص هناك... أوه! حركات الباليه؟ لمَ لا!"
الخصم (يصرخ): "توقف! أرجوك! أنا... أنا لا أحب الباليه!!"
ريو (بابتسامة عريضة): "لكنك ترقص كما لو كنت نجمًا في مهرجان القمر."
رين انفجر ضاحكًا، بينما كانت إليريا تفتح فمها بذهول، تحاول فهم كيف لطفل أن يتحكم بجسد محارب ماهر، كما لو كان مجرد دمية خشبية.
وفي غضون دقيقة، سقط الخصم أرضًا، منهكًا ومهزومًا، لا من القتال... بل من الرقص الإجباري.
ريو (بابتسامة فخر): "أعتقد... أنني أثبت نفسي."
ثم تهاوى فجأة، وسقط مغشيًا عليه وسط الساحة.
رين (يركض نحوه): "ريو!!"
إليريا (بهمس): "لقد سيطر على الجسد والبيئة... بهذا العمر؟ مستحيل..."
---
بعد أربع ساعات...
فتح ريو عينيه ببطء، وهو في سريره.
ريو: "كم نمت؟ ولماذا أغمي علي؟"
النظام (بصوت هادئ): "أربع ساعات. سبق وقلت لك... جسدك الصغير لا يحتمل المهارات القوية. وبالمناسبة، خلال غفوتك، إليريا أرسلت جاسوسًا لمراقبتك."
ريو (متفاجئ): "أوه؟... كم هذا مثير!"
---
في قاعة الطعام الكبرى...
طاولة عملاقة، مزينة بأشهى الأطعمة من خمس قارات على الأقل. جلس ريو، بين رين ويوي، بينما كان ينهمك في الأكل وكأن حياته تعتمد عليه.
رين (ينظر إلى أكوام الطعام تختفي): "هل تنوي أكل كل هذا بنفسك؟"
ريو (بفم ممتلئ): "أنا لا أنوي... أنا أفعل."
يوي (تضحك): "من كان يظن أن جسدًا بهذا الحجم يحتوي على معدة بوابة سوداء؟!"
أحد الحراس (بهمس ساخر): "هل هذا طفل... أم إعصار جائع؟!"
خادم (ينظر بذهول): "خمسة أطباق في عشر دقائق... هل ابتلعهم أم تبخروا؟!"
فجأة، دخلت إليريا القاعة ممسكة بصحن صغير فيه قطعة حلوى مغطاة بالذهب.
إليريا (بابتسامة): "جيد، لقد احتفظت بهذه الحلوى خصيصًا لنف-"
زففف!
في أقل من ثانية، اختفت الحلوى من الطبق... وبدا الطبق كأنه لم يحتوِ شيئًا قط.
إليريا (مندهشة): "هاه؟ أين الحلوى؟!"
يوي (تشير لريو وهي تتنهد): "تريدين الإجابة؟ انظري نحو الجاني..."
إليريا (بعينين تضيقان): "... ريو."
ريو (يبتسم ببراءة): "كانت... لذيذة؟"
إليريا (تبتسم بلطف... ثم تضربه بلطف): "تلك كانت مخصصة للملوك فقط!!"
ريو (يهمس): "ربما عليّ أن أخبرها أنني... أمير أيضًا؟"
إليريا (تتجمد فجأة): "هاه؟ ماذا قلت؟"
ريو (يتلعثم وهو يتعرق): "إنني... أمير؟ مملكة بعيدة جدًا؟"
رين ويوي (ينظران إلى بعضهما بدهشة): "أمير؟!"
إليريا (تحدق فيه): "أمير؟"
ريو (يحاول أن يبتلع لقمته ببطء): "...بالمعنى التقني؟"
---
إليريا (وهي تقترب من ريو ببطء، ملامحها مزيج غريب بين الفضول والتهديد): "أمير...؟ أي مملكة تحديدًا؟ مملكة الحلوى؟ مملكة الجوع؟ أم مملكة التهام ما لا يُؤكل؟"
ريو (يرفع إصبعه كأنه على وشك إلقاء خطاب ملكي، لكن صوته يرتعش قليلًا و واضح الكذب عليه): "أنا... ريو، أمير مملكة النار، حاكم النيران السماوية، سيد اللهب الأزلي، و-"
إليريا (تقاطعه وهي تلوّح بملعقة خشبية أخذتها من أحد الخدم و ضربته بوجهه): "وسارق الحلوى الملكيه!"
ريو (يرجع رأسه للخلف كأنها أطلقت عليه شعاع موت): "لم أكن أعرف أنها ملكيه! أقسم أني رأيتها... تلمع! و... بدا كأنها تهمس لي!"
رين (يحاول كتم ضحكته، لكنه يفشل): "همسَت لك؟ الحلوى الآن صارت تتكلم؟"
يوي (وهي تمسح دموع الضحك): "تخيلوا أن ريو يدخل معركة والعدو يرمي عليه قطعة شوكولاتة... النهاية معروفة."
ريو (يغمض عينيه بتعب): "لا أحد يفهم المعاناة الملكية..."
---
بعد العشاء، في زاوية بعيدة من القصر، تحت ضوء القمر الناعم...
جلس ريو على حافة النافذة، يتأمل السماء، يضع قطعة خبز في فمه مثل فيلسوف صغير يعاني من أزمة هوية.
ريو (بصوت داخلي): "أشعر أنني لا أُؤخذ على محمل الجد... هل لأنني صغير؟ أم لأنني... آكل بسرعة؟"
صوت النظام يظهر فجأة في رأسه، بلهجة هادئة لكن ساخرة:
النظام: "ربما لأنك جعلت رجلًا بالغًا يرقص رقصة البطريق في منتصف الساحة أمام شهود."
ريو: "...كانت رقصة راقية."
النظام: "وكانت نهاية راقية حين سقطت على وجهك مثل بطاطا."
ريو (ينفخ خده): "سأثبت للجميع أنني لست طفلًا فقط... بل قوة لا يمكن الاستهانة بها!"
---
في اليوم التالي، الساعة السادسة صباحًا...
رين استيقظ على صوت طرق عنيف على بابه.
رين (يفرك عينيه): "من هذا المجنون؟"
فتح الباب... ليجد ريو يقف أمامه، مرتديًا عباءة حمراء أطول منه بثلاث مرات، ويحمل عصًا خشبية مرسوم عليها وجه تنين.
ريو (بصوت عميق مزيف): "انهض يا رفيقي... لقد آن أوان التدريب الملكي."
رين (يحدق به بلا تعبير): "...هل أنت بخير؟"
ريو (يشير إلى السماء): "الشمس لم تشرق بعد... إنها اللحظة المثالية لترويض روح التنين بداخلي!"
رين: "هل أكلت حلوى منتهية الصلاحية؟"
ريو (يرفع قبضته): "بل أكلت إرادة الملوك!"
---
في ساحة التدريب، بعد خمس دقائق...
ريو (يحاول رفع حجر ضخم، ووجهه أصبح بنفس لون الطماطم): "ههه... فقط... قليل من التركيز!"
رين (يشرب شايًا وهو جالس تحت الظل): "هل تريد مساعدة؟"
ريو: "لا! إنه اختبار... للشرف... للعظمة... لعضلاتي!"
الحجر: ينزلق من يديه ويكاد يسحقه
يوي (تدخل وهي تمسك كتابًا): "هل هذا نوع جديد من اليوغا؟ اسمه 'سحق الذات'؟"
ريو (من تحت الحجر): "مازلت... أقوم بالتدريب... كل شيء تحت السيطرة!"
الحجر: يرتفع فجأة... بفعل النظام
ريو (ينهض منتصرًا دون أن يعلم السبب): "رأيتم؟! إنها قوة الإرادة!"
النظام (ببرود): "بل قوة الذكاء الاصطناعي."
---
وفي تلك اللحظة، ظهرت إليريا من بعيد، تعقد ذراعيها وتنظر نحو ريو بنصف ابتسامة
إليريا: "رغم كل شيء... هذا الطفل غريب."
رين: "غريب؟ هو عبارة عن إعصار صغير بحجم حفنة رز."
يوي (تضحك): "لكن إعصار لا يمكنك إلا أن تحبه... حتى لو سرق حلوك."
يتبع...