كانت أفعى المد العميق شيئًا يفوق أي شيء واجهته من قبل.
كانت تتربع فوقنا، ملتفة كعاصفة اتخذت شكلاً ماديًا، جسمها يتموج عبر الهواء بنعمة غير طبيعية. كل تحرك لإطارها الضخم كان يرسل هزات عبر الرمال، مكسرًا الأبراج الكريستالية القليلة التي بقيت سليمة. كانت المانا المنبعثة منها ساحقة—كثيفة، كهربائية، خانقة.
لقد قاتلت وحوشًا قوية من قبل. وقفت في معارك حيث اصطدم السحر والفولاذ بشدة مرعبة. لكن هذا… كان شيئًا آخر.
كنت أشعر بالمغامرين الآخرين خلفي يترددون. بعضهم كان لا يزال يتمسك بمواقعه، ممسكين بأسلحتهم بعزم قاتم، لكن آخرين كانوا بالفعل يتراجعون خطوات بطيئة للخلف، غرائزهم تصرخ بهم للهروب.
شددت قبضتي على عصاي وأخذت نفسًا، مهدئة نفسي. "تمسكوا بالخط!" رن صوتي فوق ساحة المعركة، مقطعًا الفوضى. "لا يمكننا أن ندعها تتقدم!"
ومضت عينا الأفعى المضيئتان نحوي. بعد لحظة، تراجعت للخلف، جسمها بالكامل يتوتر.
ثم ضربت.
بالكاد كان لدي وقت لرفع حاجز قبل أن ترسلني قوة اندفاعتها الهائلة أنزلق للخلف. حفرت حذائي خنادق في الرمال، الصدمة تهز عظامي. صمد الحاجز، لكن بالكاد—الشقوق التي تنتشر كشبكة العنكبوت عبر سطحه الذهبي أخبرتني بكل ما أحتاج لمعرفته.
لن أصمد.
ليس بمفردي.
ضغطت على رابط الاتصال الخاص بي، نبضي يدق بقوة ضد أضلاعي. "نافير، تقرير الحالة!"
تأججت الستاتيك لثانية قبل أن يقطع صوته. "سيء. سيء جدًا. نحن نفقد الأرض. ذلك الشيء—" تردد، ثم شتم. "راشيل، تلقينا للتو كلمة—آرثر أصيب."
شعرت بالدم يتجمد في وجهي. "ماذا؟"
"تم تهجيره—ألقته الأفعى إلى منتصف ساحة المعركة—"
"هل هو على قيد الحياة؟" كان صوتي حادًا، ملحًا.
"كان يتحرك. لكنه بمفرده."
آرثر. بمفرده. مصاب.
شددت أسناني، عقلي ممزق بين الغرائز. إذا غادرت الآن، سيتردد المغامرون. لكن إذا كان آرثر مصابًا—
أطلقت الأفعى صرخة مدوية، الأرض تحتي تهتز بغضبها. كانت تستعد لهجوم آخر. بدأت كرة مركزة من مانا الماء تتشكل بين أنيابها، تتلتوي وتتلوى كعاصفة محتجزة.
لا وقت.
دفعت المانا إلى صميمي، شاعرة بموهبتي تنبض بالحياة. انفتح ضوء ذهبي خلفي، الوزن المألوف لأجنحتي السماوية يضغط على ظهري. حدّت رؤيتي، تباطأت ساحة المعركة إلى شيء يمكنني استيعابه، شيء يمكنني السيطرة عليه.
لكن حتى مع موهبتي، كنت أعرف الحقيقة.
لا يمكنني صدّها إلى الأبد.
حتى في أقوى حالاتي، حتى مع تعاويذي، حواجزي، سحر النور الخاص بي—لم أكن كافية. ليس ضد شيء مثل هذا.
كنت بحاجة إلى شيء أكثر.
كنت بحاجة—
ضربت موجة من المانا ساحة المعركة.
كانت مفاجئة جدًا، هائلة جدًا، لدرجة أن جسدي تفاعل قبل عقلي. استدرت غريزيًا، أنفاسي تتعلق في حلقي.
تغير الهواء نفسه. أصبح كثيفًا. مشحونًا بشيء شاسع، شيء خام وغير مروض.
للحظة قصيرة، ظننت أن وحشًا آخر من فئة ست نجوم قد ظهر. أن أسوأ سيناريو قد وصل.
لكن عيناي عثرتا على المصدر.
وتجمّدت.
آرثر.
واقفًا فوق برج كريستالي متصدع، ضوء فضي يتأجج حوله ككهرباء حية.
هذا—هذا لم يكن آرثر الذي أعرفه.
ضغط وزن ماناه عليّ كموجة مدّ، كثيف بما يكفي لتشويه الفضاء حوله. توهجت عيناه الزرقاوان في الضوء الخافت، القوة المنبعثة منه خانقة في شدتها. زفر، وارتجف الهواء، قوة حضوره المطلقة تغمر حتى هالة الأفعى الخانقة.
لم أستطع التحرك.
لم أستطع التفكير.
هذا لم يكن ممكنًا.
كان آرثر قويًا. موهوبًا. عبقريًا تكتيكيًا. لكن هذا—كان شيئًا مختلفًا. شيئًا على مستوى مختلف تمامًا.
شعرت بالمغامرين خلفي يتفاعلون، أصواتهم عالقة بين الدهشة والكفر. همس أحدهم بشيء—ربما اسمه، ربما لعنة—لكنني بالكاد سمعته.
لأنني فهمت بالضبط ما حدث.
لقد استيقظت موهبته.
كان عليه أن يفعل. لا شيء آخر يفسر هذا. لا إنسان عادي، مهما كان ماهرًا، يمكنه إطلاق هذا النوع من الطاقة الخام بدون موهبة. كانت فطرية جدًا، طبيعية جدًا، جزءًا كبيرًا منه.
لقد تجاوز آرثر حدوده.
وكنت هنا لأشهد ذلك.
هدأت ساحة المعركة.
حتى أفعى المد العميق ترددت.
وقف آرثر هناك، محدقًا بنا، وجهه غير قابل للقراءة. توهجت ماناه وتلوّت، الضوء الفضي يلتف حول ذراعيه، يلتف في أقواس متحكم فيها.
بالكاد كان لدي وقت لاستيعاب ذلك قبل أن يتحرك.
في ثانية واحدة كان على البرج. في الثانية التالية، كان بجانبي.
سحبت نفسًا، بالكاد أسجل السرعة التي قطع بها المسافة.
"أنت على قيد الحياة،" همست، نصف متعجبة.
ابتسم قليلاً، لكن عينيه كانتا حادتين. "لم تكن أسهل معركة خضتها."
لم أعرف ماذا أقول. حضوره—قوته—كان ساحقًا. لكن لم يكن لدي وقت للتفكير في ذلك.
"مذهل."
كانت تلك الكلمة الوحيدة التي استطاع عقلي استيعابها وأنا أحدق في هيئة آرثر، محاطًا بضوء فضي.
عندما تستيقظ موهبة، تتغير المانا، تتكيف—تصبح شيئًا شخصيًا بشكل فريد. كانت ماناي ذهبية، بغض النظر عن العنصر الذي استخدمته. كانت مانا سيسيليا تحترق قرمزيًا، نابضة وخطرة. لكن آرثر؟ كانت ماناه فضية، مشرقة وسائلة، تتحول كالزئبق السريع في الحركة، قوة من الإمكانات الخالصة.
وكان يستخدمها كما لو أنه كان مقدرًا لها دائمًا.
"لا أستطيع هزيمتها بمفردي،" قال، عيناه مثبتتان على عيني، ثابتتان رغم الفوضى التي لا تزال تتأجج حولنا.
للحظة، خانتني رؤيتي. تشوشت هيئته، وفرضت ذكرى أخرى نفسها—ساحة معركة مختلفة، فتى مختلف.
لوسيفر.
أول مرة أظهر فيها قوته حقًا، عندما شهق العالم وأعلنه أعظم موهبة في جيلنا. تذكرت الطريقة التي وقف بها، فخورًا وثابتًا، وزن التوقعات مستقر على كتفيه بطبيعية كالتنفس.
"راشيل،" قال لي لوسيفر حينها، صوته كنبوءة. "كوني نوري."
كلمات كانت ستجعل قلب أي فتاة يرفرف.
لكنها لم تجعل قلبي كذلك.
لأنني لم أكن ساذجة.
لم تكن عينا لوسيفر تحملان أي دفء، أي عاطفة—فقط توقعًا. لم يرَ راشيل كريتون، الفتاة، الصديقة. رأى القديسة. لقبًا، دورًا، قطعة من الآلة العظيمة التي ستحمله إلى العظمة.
كان البطل الثاني. لقد قرر العالم بالفعل. وأنا، كالقديسة، كان من المفترض أن أضيء طريقه.
لكنني لم أرد ذلك.
لم أرد أن أكون تابعًا لأسطورة شخص آخر، نورًا هاديًا مقيدًا بالغرض الذي عينه لي الآخرون. أردت أن أكون أكثر من مجرد انعكاس في قصة شخص آخر.
لهذا اخترت آرثر بدلاً من لوسيفر في حفل الطلاب الجدد. تمرد صغير، ربما، لكنه كان مهمًا بالنسبة لي.
والآن، مرة أخرى، كانت غرائزي تصرخ بي.
ثقي به.
التقيت بنظرة آرثر. لم يكن هناك توقع في تلك العينين الفضيتين. لا نبوءة. لا طلب.
فقط حقيقة بسيطة.
لم يكن يستطيع فعل هذا بمفرده.
"إذًا لنفعله معًا،" قلت.
ولأول مرة منذ زمن طويل، شعرت وكأنني أختار طريقي الخاص.