276 - إلى النفس الأخير

فوق أنقاض مدينة يارنام التي مُحيت من الوجود.

اهتزت الأرض، وارتعش الفراغ عندما انتحب جسد دراغوث الشيطان البشري بلا حسيب ولا رقيب.

أعينه الحمراء قد تحولت لبياض أبان عن جنونه وفقدانه التام لنفسه.

الأورا الخاصة به تضخمت بشدة، والطريقة التي حمل بها نفسه داخل ساحة المعركة لم تعد نفسها إطلاقًا.

هو تحول لشيء آخر تمامًا.

أمامه، وضع فراي قناع النايملس، مجهزًا نفسه لما هو قادم.

"يبدأ الجد الآن.".

دراغوث الشيطان البشري.

دراغوث لم يبلغ تلك المواصيل بالطرق العادية، كان.

هناك سبب وجيه وراء عدم خسارته إطلاقًا طيلة حياته سوى مرة واحدة.

عندما يقترب دراغوث من الهزيمة، ستتفعل آلية من نوع ما داخل عقله.

أشبه بزناد يضغطه عندما يبلغ حدوده ويعاني من اليأس الكثير.

عندما يفعلها، هو يتحول لوحش من نوع آخر.

يمكن اعتبار دراغوث الحالي ذروة الفئة SS.

على الأرجح، هو أقوى بشري حي بهذا الكوكب.

أقوى حتى من السير آلون ومايكار فاليريون.

هذا هو نوع الوحوش الذي أوشك فراي ستارلايت على مقارعته.

هذا الأخير جهز نفسه للمعركة، مستعدًا لإخراج كل ما لديه.

هو لم ينوِ التراجع إطلاقًا.

"إذا لم أستطع التعامل مع هذا المستوى، فكيف لي أن.

أحلم بمقارعته تلك الوحوش التي تتربص بالظلال؟".

إذا هزم من دراغوث، فلن يستطيع مطلقًا بلوغ مستوى أمثال زيبار، ولا حتى جيبيتو.

فراي شعر بأن هذه المعركة بالذات، هي ما ستحدد مصيره.

"هلًا بدأنا؟" هو قال مخفيًا وجهه خلف ذلك القناع الأسود المعدني، أما دراغوث، فمستجيبًا للنداء.

مطلقًا عويل حرب وحشي، قدمه دمرت الأرض من تحته، مرسلًا جسده ناحية عدوه، ومحلاق من البرق يلتف من حوله.

بتلويحة واحدة من سيفه، أرسل دراغوث قطعًا عظيمًا عصف بفراي ستارلايت وكل ما تواجد من خلفه.

هذا الأخير ورغم صده للهجوم، إلا أن قطعًا عموديًا مرعبًا قد ظهر على جانبه الأيمن.

قوته الهجومية قد تضاعفت!.

مدركًا للفرق العظيم، مرر فراي الأورا الخاصة به بكميات أكبر بكثير محاولًا الضغط على نفسه لمواكبة دراغوث بحالة الجنون.

الشيطان البشري، مغطيًا سيفه بالبرق الأسود، هاجم مرارًا وتكرارًا، من الأعلى، اليمين، اليسار.

كان سريعًا جدًا، وكل ضربة من سيفه كانت كافية لمحق الأرض وكل ما فيها.

السماء أرعدت وأبرقت من فوقه، مستجيبة لجنونه.

الصواعق نزلت الواحدة تلو الأخرى باستمرار ودون توقف، مهاجمة بشكل عشوائي كل ما تواجد بالأسفل.

الهجوم كان وحشيًا لدرجة أنه لم يستهدف فراي بالضرورة، بل كل شيء تواجد من حوله.

عالقًا بنزال قريب المدى، تبادل فراي الضربات مع دراغوث بينما ضحك بصوت عالٍ.

قوته تؤثر على الطبيعة من حوله.

هذا جنوني حقًا.

دراغوث لم يعد يهتم بالتقنيات أو الأساليب القتالية، هو فقط دمر كل ما تواجد أمامه.

غريزته أملت عليه أن يقضي إلى أكبر تهديد متواجد بالقرب منه، وفي هذه الحالة، ذلك التهديد لم يكن سوى فراي نفسه.

هذا الأخير أدرك بالفعل طبيعة القوة الوحشية التي اكتسبها خصمه.

الدخول بمعركة مباشرة أمام هذا النوع من الخصوم لم يكن بالقرار الحكيم إطلاقًا، فأفضل طريقة للتعامل كانت التعامل معه بذكاء واستنزافه ببطء.

لكن فراي لم يفضل هذه الطريقة، بل فعل العكس تمامًا مانحًا لدراغوث الأفضلية المطلقة.

"تريد الوحشية؟ لنجعله قتالًا وحشيًا إذًا!".

سيوفه اشتعلت بوهج بنفسجي هادر، أما عضلاته فكادت تنفجر من شدة الأورا التي سخرها من أجل هذا القتال.

هو لم يستخدم أي تقنيات مبهرجة، ولا حتى أسلوبه القتالي السريع المعهود.

بل فقط تبادل الضربات بشكل وحشي مع دراغوث، تاركًا تأقلم الظلال يقوده بشكل أعمى.

الإصابات تراكمت فوق كليهما، لكنها لم تأخذ ثانية واحدة حتى لكي تتعالج من تلقاء نفسها.

سواء دراغوث أو فراي، كلاهما امتلكا أجسادًا خارقة لا تناسب البشر.

أجساد تتجدد دومًا مهما كانت الإصابة التي يتلقونها.

أياديهم كانت أشبه بقاذفات صواريخ واصلت الضرب بغض النظر عن الموقف، أو الضرر الذي تعرضوا له.

سيوف فراي تركت آلاف المسارات البنفسجية، أما دراغوث، فالبرق الأسود الخاص به قد ملأ ساحة المعركة بالكامل، لدرجة أن السماء نفسها أصبحت تتبع إرادته.

بشكل واضح، الشيطان البشري قد امتلك الأفضلية، فمن حيث القوة الجسدية، هو تفوق بشكل كبير على خصمه.

كان سريعًا ووحشيًا لدرجة أن إحدى ضرباته محقت نصف جسد فراي بهجوم واحد.

لكن هذا الأخير نهض من جديد مواصلًا القتال وكأن شيئًا لم يكن.

جسد دراغوث الحالي يعتبر ذروة الفئة SS.

جسد مصقول بالتدريب والقوة الشيطانية.

أمام هذا النوع من القوة، أريد أن أعرف....

رغم الألم، إلا أن فراي لم يتوقف عن صنع ذلك الوجه المريض من تحت قناعه.

"أريد أن أعرف، إلى أي مدى يمكن لجسدي الفوضوي هذا أن يصمد.".

مقارنة بدراغوث الطاغي، كيف سيبلي جسد فراي الذي لم يكن سوى كومة من الفوضى التي تراكمت فيما بينها.

لم يكن هنالك ولو شيء واحد صحيح بجسد فراي، فقوته الخام كانت أقل بكثير من خصومه.

لكنه استمد القوة من عوامل خارجية لمحو الفارق.

أورا غريبة من الفئة SSS.

اثنان من السيوف الأسطورية التي استفاد من قدراتها.

قدرة عجيبة تجعله يتأقلم مع كل الظواهر الموجودة من حوله.

قناع ملعون حمل بداخله معرفة تجاوزت حجم الكون بأكمله.

كل هذه الأشياء قد تراكمت فوق بعضها البعض داخل جسد بشري واحد.

لا يفترض ببشر أن يتمكن من تحمل شيئًا كهذا قط.

لكن فراي فعل.

ونتيجة ذلك، تحول للوحش الذي هو عليه الآن.

بهذه الطريقة، حطم كل من دراغوث وفراي بعضهما البعض دون توقف.

ضربة بضربة، هجوم بهجوم، دم بدم.

التبادل كان سريعًا جدًا والأرض من تحتهما لم تتحمل إطلاقًا.

لدرجة أنهما اضطرا للجري بكل الاتجاهات بينما واصلا طحن بعضهما البعض.

صاروخ من البرق الأسود ضد قذيفة مظلمة من الظلال.

مسارات التصادم الخاصة بهما شكلت شرنقة عنكبوتية عملاقة توهجت دون توقف مسلطة ضياءها على ساحة المعركة بأكملها.

أما السماء، فقد وقفت بصف دراغوث، مرسلة المزيد والمزيد من الصواعق داعمة إياه.

أيًا كان الشخص الذي قد يلمح ساحة المعركة تلك، فهو لن يصدق ما سيراه.

فلا الأرض ولا السماء سلمت منهم.

الدماء القرمزية تدفقت بغزارة، وجسد فراي تحول لفوضى لدرجة أن وجهه كان الشيء الوحيد الذي بقي سليمًا بفضل حماية القناع له.

سرعة وقوة دراغوث واصلت الارتفاع دون توقف مانحة إياه الأفضلية الكاملة.

لكن ورغم تفوقه الواضح، إلا أن خصمه لم يسقط قط.

بل بقي واقفًا يستقبل كل ما رماه عليه، ممتصًا هيجانه ذاك بالكامل.

"ما الأمر يا دراغوث؟! واصل الهجوم! أعلم أنك تملك قوة أعظم من هذه بكثير!!".

تصادمت السيوف مرة بعد، بينما التهمت الهالات بعضها البعض.

"دعني أرى إلى أي مدى يمكن أن يدفعني أمثالك.".

إلى متى قد يستمر تجدده بالعمل؟ ما هي حدود جسده؟ كم حجم الضرر الذي يستطيع تحمله قبل أن ينهار؟.

هذه كلها أسئلة أراد فراي الحصول على إجابتها بصدامه الوحشي ضد دراغوث.

"لقد بلغت أشدي، ولم يعد لي من طريقة أزيد بها قوتي.

بعد الآن.

ومسار الدم أصبح هو خياري الوحيد.

جسدي هذا الذي صقلته إلى أن أصبح مثاليًا، وذهني وسرعة بديهتي التي اكتسبتها من كل معارك الحياة والموت التي خضتها.

قدراتي الخارقة التي جعلتني أقف فوق أقراني.

كل نضالي، كل معاناتي إلى هذه النقطة بالذات.

دعني أرى إلى أي مدى ستجعلني أصل.".

"ضدك أنت يا دراغوث، يا من تقف بقمة البشرية!".

غير آبه للألم، غير آبه لأيًا كان ما يرميه خصمه عليه.

فراي صمد، ولم يلمس ظهره الأرض مطلقًا.

"بحياتي هذه.

هل عشت ولو لمرة، دون أن يتم سلب شيء ما مني؟".

"هل أعطتني هذه الحياة ولو شيئًا واحدًا يجعلني أقول يقينًا.

أني عشت بشكل أفخر به؟ لا.

أنا لم أعد أتوقع أي شيء جيد من هذه الحياة.".

"لقد سئمت من المعاناة، دون أن تكون لي القدرة على فعل أي شيء.

وأنا مدرك أتم الإدراك، أن المزيد والمزيد من الأهوال تنتظرني ما إذا اخترت مواصلة السير بهذا المسار.".

تحت السماء التي أبرقت دون توقف، والأرض التي اهتزت منتحبة.

مواجهًا الوحش نفسه الذي واجهه والده.

فراي شعر بالزمن نفسه يتباطأ، بينما غاص عقله بعيدًا بأعماق ذاته الحالية.

كثيرة هي الندوب التي شكلت ما هو عليه الآن، وقد علم بالفعل أن معاناته هذه ما هي سوى عرض ترفيهي لأولئك الذين شاهدوه من بعيد.

"أتساءل.

أي نوع من الوجوه يصنعون.

عندما يشهدون على لحظاتي سقوطي، أمعاناتي تجعلهم يضحكون؟ هل لربما هم يسخرون؟ أو فقط يجلسون هناك مستمتعين؟".

"إذا كان هذا هو الحال.

فهنيئًا لهم.".

شيئًا فشيئًا، اشتدت هالة فراي، بينما ازدادت ضراوة ضرباته.

دراغوث ومع مرور الوقت، وهو كان يخسر أفضليته، فخصمه دفعه بشكل متساوي، ملحقًا به من الضرر الكثير.

"من الآن فصاعدًا، سأريكم نوعًا آخر تمامًا من العروض.".

لم يعد هنالك من جدوى من محاولة محاربة التيار، ولا مخالفة السيناريو الذي رسمه له الآخرون.

بدلًا من ذلك، فراي اختار اللعب بطريقة مختلفة.

هو ولأول مرة، قرر أن يسبح مع التيار، لا ضده.

وأن يلبي لأيًا كان من دفعه من الظلال رغباتهم.

لكن، وبدلًا من مسلسل المعاناة والتخبط ذاك، فراي أبرز شيئًا آخر تمامًا.

لمحة من الجنون، والوحشية، والتعطش للدم، والموت.

رجل محطم، محارب لم يهب الموت، بل فتح أذرعه له محتضنًا إياه بسعادة.

"إما الفوز، أو الموت.".

هو لن يترك المجال للآخرين لكي يغادروا قبله بعد الآن، فبساحة المعركة، سيكون هو أول من يتلقى أيًا كان ما سيرميه عليه العدو.

سيقاتل، مهما كان الخصم، حتى لو تخطاه قوةً بكثير.

سيقف ضد أيًا كان ما ترميه عليه الحياة، حتى النهاية.

لو فاز، فذلك شيء جيد.

ولو خسر ومات، فلا بأس بذلك أيضًا، فهي نهاية رحيمة لم يرَ نفسه يستحقها من الأساس.

بشكل غريب وعجيب، ووسط بؤرة الدمار تلك، والضخب والفوضى التي خلفها قتاله ضد دراغوث.

فراي شعر بسكينة عجيبة، وهدوء تام قاد وعيه بعيدًا.

بغض النظر عن جسده المتخم بالجروح، هو شعر بالراحة.

وكأن شيئًا ما خطفه من الوجود، ساحبًا إياه للظلام.

هو لم يعد داخل ساحة المعركة بعد الآن، ودراغوث اختفى تمامًا من أمامه.

فراي وجد نفسه وسط فراغ مظلم، فراغ مألوف جلب له الحنين والاشتياق.

أمامه، تم إشعال نار مخيم بسيطة أنارت المكان بضوئها، جاعلة قلب فراي يرتاح بدفئها.

أما من حولها، فتواجد عدة أشخاص، جلسوا بجانب فراي بهدوء، وأعينهم جميعها مأسورة بألسنة اللهب.

بينما أخفى الظلام وجوههم جميعًا ولم يترك سوى أجزاء بسيطة واضحة للعيان.

"هل بلغت أشدك بهذه السرعة؟".

سأل الشخص على يمين فراي، محدقًا به بابتسامة دافئة.

"إطلاقًا، فما هذه سوى البداية" أجاب فراي ضاحكًا، فإذا بشخص آخر يقاطعه على الفور.

"هذه كذبة واضحة، فأنت لا تأتي لهذا المكان سوى بلحظات انكسارك".

موافقًا على ذلك، أومأ شخص ثالث برأسه.

"أنت لا تستطيع الكذب علينا يا فراي، ففي النهاية نحن الشخص ذاته.".

في تلك اللحظة، اشتعلت النار بشدة أكبر، مصدرة المزيد من ضياءها.

ضوء كشف عن وجوه الحاضرين أجمعين.

جميع الحاضرين بذلك المكان، قد كانوا متشابهين، يملكون نفس الملامح.

جميعهم، كانوا فراي، لكن من فترات زمنية مختلفة، وأحداث متباعدة.

فراي الحالي ضحك بخفة، واضعًا يده على صدره.

"لأكون صادقًا، الأمر يزداد صعوبة مع كل قتال.

ومع كل روح يزهقها سيفي.

أشعر وكأني أفقد نفسي، ولا أدري ما سأصبح عليه عندما ينتهي كل هذا.".

مطأطئًا رأسه بابتسامة لطيفة، وأعين متعبة، قال فراي بصوت خافت.

"لعلي بلغت أشدي، ولم يعد لي من طاقة لأتحمل هذا بعد الآن.

لعل هذا هو سبب قدومي لهذا المكان، أملًا بأن يأخذ أحدكم مكاني.".

قال فراي ساخرًا من نفسه، وبالمقابل، نظر معظم الحاضرين بعيدًا.

"هذا أمر مستحيل، فأنت هو أقوانا.

والوحيد القادر على تحمل هذا المسار" قالت أحد نسخ فراي، تحديدًا النسخة التي فازت بالفيكتورياد، بينما أومأ العديد من الحاضرين.

من بينهم، فراي الكاتب الذي عاش حياة مسالمة، تحدث بينما عبث بالنار بواسطة عصا خشبية رفيعة.

"أنت هو نسختنا الأقوى، ذاتنا التي صنعناها لتتحمل ما لا نستطيع نحن تحمله".

"أعلم أن هذا لهو أمر قاسي عليك، لربما هو نوع آخر من الألم، ألم أشد من كل سابقيه.

لكنك ستتحمل" قال فراي ذو الشعر الأبيض الذي خضع للحلقات الزمنية بلندور.

أما فراي الحالي، فضحك بهدوء مخفيًا وجهه بيده اليمنى.

"هذا فظيع حقًا، هل أنا مجرد وحش ترمون عليه كل مخاوفكم؟ هل تريدون مني مواصلة القتال حاملًا كل أعبائكم، أنتم الذين استسلمتم بمنتصف الطريق؟".

"هذا صحيح هذه المرة.

أجابت النسخة التي سبقت الحالية.

فراي الذي اضطر لقتل دانزو بيده.".

"لهذا السبب أوجدناك، لتكون الوحش الذي سيذبح خصومنا، لتكون أنت من سيعلمهم معنى الرعب الذي أذاقوه إياه".

"أنت هو نتيجة كل ما ضحينا به حتى الآن، وكل الخطايا التي ارتكبناها بحياتنا المحرومة من البركات" قالت نسخة فراي أخرى.

"لذلك واصل القتال إلى أن ينكسر عودك، وإلى أن تشكل جثث أعدائك الجبال، وتملأ دماؤهم البحار.

واصل القتال، إلى أن ينال منك الموت، وتكتب نهاية لهذه القصة المظلمة.".

"أنت هو هذا النوع من الوحوش، فتصرف بناء على ذلك، فهذه هي حقيقتك.".

مستقبلًا أعباء، ورغبات كل تلك الأعين التي طعنت به، فراي وجد نفسه يعود للواقع ببطء.

من خلف قناع النايملس، فمه انفتح قليلًا مظهرًا علامات الحيرة والمفاجأة، لكن سرعان ما انقلب لابتسامة.

"آه.. لقد تذكرت" هو قال ببطء، عائدًا لساحة المعركة الفوضوية ضد دراغوث.

في تلك اللحظة، شعره الأبيض الطويل تطاير نحو السماء، وجلده الأبيض تشقق تاركًا تلك الأفاعي البنفسجية تزحف من فوقه.

وجهه تمزق، وعشرات خطوط الأورا قد انثقت من عينيه، بينما انشق فمه كاشفًا عن ابتسامة أبانته عن الجنون الكثير.

"أنا هو الوحش، الذي صنعه هذا العالم الظالم.".

بلمح البصر، سيوف فراي مزقت دراغوث بلا رحمة، مرسلة سيلًا هادرًا من قذائف الأورا شديدة القوة.

مقاتلًا بجنون، فراي أدرك أنه لم يعد عاقلًا بعد الآن، فقد نالت منه الحياة كثيرًا، إلى أن بلغ هذا الحد.

عقله لم يتحمل ما يتلقاه، فلم يكن له سوى خلق ذلك الوهم الذي كان له بمثابة ملاذ.

فكلما سقط لليأس، كان فراي يصنع نسخة من نفسه.

نسخة جديدة أكثر قوة، بعزيمة أكبر وإرادة أشد.

وما فراي الحالي سوى ذروة تلك المعاناة التي تراكمت فوق بعضها، إلى أن صنعت وحشًا لا يرحم.

"انظر إلي!! انظر لحجم الوحش الذي أصبحت عليه!!!".

"10 آلاف خطوة من الظل: أسلوب فراي ستارلايت: Nameless judgement!!!".

بضربة هادرة حملت من الجنون الكثير، شق فراي العالم نفسه لقسمين، ومحق جسد دراغوث الذي سابق الزمن محاولًا صد ما تعرض له.

"هذا هو ما تريدون رؤيته؟! أليس كذلك؟!!! هذا هو نوع الجنون الذي طلبتموه!!!".

ممسكًا بوجه دراغوث الذي بالكاد منع نفسه من الانشطار لقسمين.

فراي جرى فوق ساحة المعركة ماسحًا بوجه خصمه الأرض وكل ما تواجد فوقها.

"ما أنا سوى آلة قتل، أنا خلقت لأقتل، خلقت لأدمر، وأجل الموت والدمار! وهذا بالضبط ما سأفعله!!".

صرخ فراي بوجه دراغوث قبل أن يرميه بعيدًا ويطارده على الفور.

"لقد مات الطفل.

لقد مات الشاب الذي انتحب وعانى مما تصنعون!! لم يعد هناك وجود لذلك الضعيف الذي انهار أمام ما تفعلون!!".

قاذفًا بجسد دراغوث مرارًا وتكرارًا، هو توقف فجأة ممسكًا بوجه خصمه الممزق مرة أخرى.

"انظر إلي" هو قال، مخاطبًا وجه دراغوث بالأرض مرة أخرى.

"انظر إلي!!!!".

صارخًا بجنون، تشقق جسد فراي مفجرًا كل شيء.

"الانبعاث".

بكلمة واحدة، هز الانبعاث النووي العالم مرة أخرى، مرسلًا عمودًا أشد رعبًا من الأورا المظلمة نحو السماء.

نتيجة لتعرض هذا الجنون، جسد دراغوث تحطم تمامًا إلى أن لم يتبقى شيء سوى رأسه وجزء من صدره.

دراغوث لم يستطع الإفلات، فقبضة فراي ظلت ممسكة به بإحكام.

"ما الذي تراه عندما تحدق بي؟ ما الذي تعتقد بالضبط أنه موجود بداخلي؟ ما الذي تتوقعونه مني؟! فلا يوجد شيء متبقي، لا يوجد سوى الفراغ.".

"الفراغ، ورغبة عارمة، تعطش لا نهاية له، جنون لا قاع له!!".

اترعش جسد فراي بلا توقف، أعينه خسرت ضوءها، وارتعشت داخل محجريها.

كل شيء ذهب بعيدًا.

"القتل! ولا شيء سواه!!".

راميًا بجسد دراغوث نحو السماء، أطبق فراي سيوفه على خصمه.

فمه لم يعد يخرج الكلمات، بل فقد نفسه لدرجة أنه تفوه بخربشات فوضوية لا معنى لها.

سيف فراي أرسل قوسًا ملتهبًا بنفسجيًا هز العالم، هو لم يملك من العقل ما يتيح له ذكر اسم هجومه من الأساس.

فالـ Nameless judgement أصبحت بمثابة نحيب يرثي حالته الحالية.

فراي أطلقه مرة، ثم مرتين ثم ثلاث مرات.

السماء تحولت للبنفسجي، ويد فراي انفجر من شدة الضغط، ولحمه وعظامه انسكبت فوق الأرض.

لكنه لم يهتم مطلقًا، بل واصل الهجوم إلى أن لم يتبقى شيء من خصمه سوى الرماد.

هو مشى فوق ساحة المعركة، هامسًا بكلمات لم يكن لها معنى.

تحول لآلة القتل التي أراد، الوحش الذي يستطيع تحمل كل شيء.

الوحش الذي لا يتوقف عن القتال مهما عصفت به الحياة.

وحش سيقاتل حتى الموت.

فراي مشى بالبداية، ثم جرى، ثم قفز، ثم طار.

بسرعة شديدة، وهالة مشؤومة سوداء تزحف فوقه.

هو اندفع مسرعًا نحو كل من تجرأ ورفع سيفه ضده.

"أقتلهم" قالت كل نسخ فراي بصوت واحد.

"مزقهم، دمرهم، كل من تجرأ على لعننا بهذه الحياة.".

"لا تتوقف عن الركض، إذا لم تستطع الركض فامشِ، إذا لم تستطع المشي، فازحف.

لكن لا تتوقف.

إلى أن يموت كل أعدائنا.".

تاركًا بؤرة الدمار التي تسبب بها من خلف ظهره.

فراي تخلى عن كل شيء، واندفع بعيدًا للأمام.

هناك حيث تواجد أعداؤه.

هو تحدث بسرعة شديدة، لكن ما خرج من فمه لم يكن بالكلمات.

بل همسات مرعبة خرجت من قاع الجحيم.

هو قطع مسافة مرعبة بلمح البصر، مهددًا بتدمير أيًا كان قد يقف بطريقه.

لكن تقدمه الجنوني ذاك قد تم ردعه.

عندما نزل عمود ضوء هائل من السماء، ملتهمًا إياه بلا رحمة، ومحطمًا إياه وكل ما تواجد من حوله.

فراي سقط أرضًا بعنف، لكنه سرعان ما استدار على الفور باحثًا عن من هاجمه، فإذا به يلمح تلك الساحرة التي حلقت بعيدًا بالسماء، تنظر إليه بازدراء واضح.

"إهذه هي الإجابة التي اخترتها يا فراي ستارلايت؟".

ملوحة بعصاها السحرية، استعدت بياتريس للقتال.

"عشت طويلًا، ورأيت الكثير، لكن مثلك ما قابلت أبدًا.".

حتى الساحرة الأبدية بنفسها لم تعش بما يكفي لترى مخلوقًا ملويًا ومجنونًا، مثل ذاك الماثل أمامها.

فراي زحف ببطء فوق الأرض، قبل أن يختفي تمامًا.

حتى بحالة الجنون تلك، هو لا يزال قادرًا على استعمال انتقاله الآني.

ما جعله يمحوا المسافة بينه وبين خصمه على الفور.

مضاد السحر تنشط تلقائيًا، مانعًا بياتريس من القيام بأي إجراء، وسيوفه هددت بطمس الساحرة من الوجود.

لكن هذه الأخيرة لم تقلل من الكثير.

"كله لك، بيليث".

بمجرد نطقها لاسمه، وبينما كانت سيوف فراي على بعد إنشاءات بسيطة من وجهها.

انبثقت قبضة عظيمة من العدم، محطمة جسد فراي من جانبه الأيمن.

هجوم واحد دمر عظامه، ومزق لحمه مرسلًا إياه طائرًا بعيدًا.

الشخص الذي هاجمه هو الآخر نزل من السماء، مندفعًا فوق الأرض نحو فراي.

"أهذا هو الوحش الذي منه تخافون؟! صوته كان خشنًا جدًا، وجسده تميز بطوله الذي تجاوز 3 أمتار.

شعره كان أحمر إشعثًا، وأعينه ملأها السواد، ولم يبرز منها سوى ضوء أحمر مشؤوم.

بزوج من القرون، أحدهما مقطوع، وجسد غلفته مادة سوداء عجيبة.

هو اصطدم بفراي محطمًا إياه بلا رحمة.

"لقد جئتك من بعيد طمعًا بأن أحظى بقتال جيد، فلا تخيب أملي أرجوك!!" هو صرخ ضاحكًا.

شيطان الرتبة رقم 18 الأعلى، أحد شياطين الفصيل الأسود، بيليث.

هذا الأخير ضحك بشدة، موجهًا قبضته العملاقة نحو جسد فراي عازمًا على تحطيمه أكثر.

لكن ابتسامته قد طمست على الفور عندما اختفى خصمه، بارزًا من خلفه بأقل من جزء من الثانية.

لحظة واحدة، ثم اجتاحت مئات السلاشات البنفسجية جسد بيليث ممزقة إياه بلا رحمة.

"لا تستخف به!! قاتله بكل ما لديك!!".

من خلف ظهر بياتريس تشكلت مئات الأجرام السماوية التي قصفت ساحة المعركة بلا رحمة، مستهدفة فراي.

"أعلم عليك اللعنة"

غير متأثر بإصابته، اندفع بيليث وقبضاته تحترق بأورا الظلام المتأججة.

هو اصطدم مع فراي وجهًا لوجه، بينما رشقتنه نيران بياتريس بالقذائف دون توقف.

وسط كل تلك الفوضى، فراي لم يتوقف قط عن الحديث مخرجًا أصواتًا من نوع ما من داخل فمه، لكن تلك الأصوات لم تكن بأي لغة، بل مجرد خربشات فارغة لا معنى لها.

"أي نوع من اللعنات تحاول لعننا بها؟ يا فراي ستارلايت".

2025/08/22 · 203 مشاهدة · 2995 كلمة
Song
نادي الروايات - 2025