ساحة المعركة لوحدها قد روت الكثير ، فهذا القدر من الدمار تجاوز ما تسببت به معركة الضباب بأكملها ..
كان من الصعب التصديق أن ما هذا سوى نتيجة قتال وحشين 1 ضد 1 ..
لقد ماتت سيدة الثمان ارجل ، لكن بالمقابل .. لم يكن هنالك من اثر لاورا ، او وجود سانسا ..
هذه علامات جعلت معظم الحاضرين يعتقدون بأنها هي الأخرى قد ماتت في سبيل هزيمة ذلك الوحش ..
لكن اوليفر خان بشكل خاص قد رفض تصديق هذا الادعاء .
فالوصي العظيم وجد نفسه يجري بكل مكان حول ساحة المعركة ، محاولا ايجادها ..
تحت الصخور و الحطام ، فوق الأرض و تحتها ..
اوليفر خان بحث بكل مكان ، بينما بدأ يستوعب شيئا فشيئا حجم موقفه الحالي ..
ماذا سيفعل .. لو ماتت حقا ؟
سانسا فاليريون ، عائلته الوحيدة التي نبذها دون وعي منه مؤخرا ..
ماذا لو ماتت ؟ و لم تعد موجودة بهذا العالم ؟
على الاغلب ، لن يهتم الكثيرون ، فلهم هذا لن يعني سوى موت شيطان قدر آخر ، وحش لا يفترض به أن يعيش بينهم .
لكن هل كان هذا هو الحال نفسه لاوليفر خان ؟
"بالطبع لا !"
هو حفر بكل مكان ، بينما ارتعشت اذرعه و يداه ..
'هل اعتذرت لها و لو مرة .. على معاملتي إياها .. و كأن أعيين الوصي الحمراء قد ارتعلت بلا حسيب ولا رقيب ..
'عندما حاول آلون قتلها .. مالذي قدمته لأجلها ؟ '
لا شيء ..
لا شيء على الاطلاق ، فهو بقي جامدا مكانه مكتوف اليدين مصدوما من تحولها الشيطاني .. لولا الامير الذي اقترح ابقاءها حية ، لربما كان السير آلون قد قتلها حقا .
هل تحولها الشيطاني مبرر كافي له ، ليدير رأسه و يبقى مكتوف اليدين ؟
لابد أنها عانت كثيرا ، أسفل ابتسامتها الشيطانية تلك التي ارتهم إياها جميعا .
سانسا فاليريون قد تعذبت كثيرا من قوتها الشيطانية طيلة حياتها ، لابد و ان تحولها لشيطان قد اثر عليها كثيرا .
'لابد أنها عانت بصمت ، مخفية كل ألمها خلف تصرفاتها تلك .. '
هي اضطرت لتحمل كل تلك النظرات المقشئزة ، أعين رآتها على انها لا شيء سوى وحش ويجب موته .
من بين الحشود الغفيرة التي رمقتها بتلك الاعين ، اوليفر خان قد كان واقفا بالمقدمة ، متخذا لنفسه مقعدا .
'بدلا من أن أقف بجانبها .. بدلا من اقوم بحمايتها .. كنت أنا أكثر من قام بإيذائها .. '
إذا كان الامر مؤلما عندما يأتي من الغريب ، فلابد أن الضرر أكبر بأضعاف مضاعفة عندما يأتي من القريب .
و لسانسا فاليريون ، اوليفر خان كان الاقرب دوما ..
الوصي الاعظم أدرك ذلك متأخرا ، هنا بساحة المعركة قد تكون هي قبر عائلته الوحيدة ..
من تحت قناعه الذي اخفى وجهه ، و ملامحه
نزلت قطرات من ماء ..
دموع إعتقد اوليفر خان انها قد جفت وقت طويل
..
"لم أخبرها بأي شيء بعد .. أنا لم أكفر عن ذنبي تجاهها بعد !"
أحيانا ، قد يأتي الادراك بعد فوات الاوان ..
اوليفر خان لم يستطع تحمل الامر .. لم يستطع تخيل المشهد الذي يرى فيه جثتها الهامدة التي فارقتها الحياة
.
فلو ماتت ، هي ستموت معتقدة بأنها ظلت محترقة من قبله حتى النهاية ..
هذا ذنب لم يستطع الوصي الاعظم تحمله ، لذلك هو واصل الحفر و النبش بكل مكان ، متجاهلا كل الجنود الحاضرين معه .. الذين حاولوا تثنيه ..
"لابد انه امر سهل لكم .. أن تديروا ظهوركم و تغادروا المكان بغض النظر ما إذا ماتت .. أو بقيت على قيد الحياة .."
هم لم يهتموا و لو قليلا لوجودها من عدمه ، أو بالاحرى .. هم فضلوا اختفاءها ، و كان امرا مرحبا به عندهم ..
"هذا قاسي ."
إنه لامر قاسي حقا ، فعدد من الحاضرين هم نفسهم الجنود الذين قاتلوا بجانبها .. نفسهم الجنود الذين قاتلت سانسا سيدة الثمان ارجل لانقاذهم ..
"لو لم تقم سانسا فاليريون بصد سيدة الثمان ارجل هنا ، لكنتم أنتم من اضطر لمواجهة هذا المخلوق الشنيع "
قال اوليفر بغضب .. بينما حدق معظم الحاضرين دون وعي منهم ناحية السيدة ذات الحجم الهائل ..
لو كتب عليهم القتال ضد مخلوق كذاك ، فلم يكن من الصعب تخيل ما سيحدث ..
ستكون مجزرة من طرف واحد .. فلا وجود لشخص بينهم يستطيع مواجهة كائن كذاك ..
بدلا من سيد كابوس واحد ، هم كانوا سيواجهون 2 لولاها .
هم كانوا مدينين لها بحياتهم ، لكن و رغم ذلك ، هم لم يتأثروا اطلاقا ، و كأنها لم تكن مخيرة ، بل مجبرة .
"هي شيطانة ، هذا القدر هو أقل ما عليها تقديمه بما اننا سمحنا لها بالبقاء بين جدران الإمبراطورية"
"نحن بشر ، اما هي ف شيطان ، نحن لسنا بمتساويين "
"أن تموت في سبيل انقاذنا لهو خير لها من أن تواصل الحياة و تجلب الموت لكل ماهو من حولها "
بأماكن متفرقة ، همس الجنود ، و بصقوا سمومهم التي التقطتها آذان اوليفر خان جميعا ..
هم حقا ، لم يكونوا مهتمين و لو قليلا ما إذا ماتت .. أو عاشت ..
هم تحدثوا عنها على أساس انها شيطانة ملعونة لا تختلف بشيء عن اعدائهم ..
لكنهم تناسوا أنها في الاصل ، لم تكن سوى مجرد فتاة بشرية مشابهة لهم من لحم و دم .
ما حدث لها كان من الممكن أن يحدث لأي شخص آخر .
سانسا لم تطلب أن يتم وضع تلك البذرة الشيطانية داخل جسدها ، هي لم تطلب أن تصبح شيطانا ، بل
اجبرت على أن تكون واحدا ..
كان هذا مصيرا يمكن أن يحدث لأي منهم ..
لكن كل واحد من سكان الإمبراطورية قد كان اعمى لدرجة عجزه عن رؤية هذه الحقيقة ..
محدقا بهم واحدا تلوا الآخر ، انتبه اوليفر أخيرا للسموم التي اخفتها أعينهم ..
"سانسا .. هل أنا حقا .. رمقتك بنفس هذه النظرات المسمومة؟"
قبل وقت ليس ببعيد ، اوليفر خان إمتلك نفس تلك الاعين ..
سانسا فاليريون قد كانت فتاة حساسة بقدرة تتيح لها قراءة مشاعر الناس ، لم يكن هنالك من طريقة ألا تنتبه
..
بمعنى آخر ، هي ماتت معتقدة حتى اللحظة الاخيرة ، أنه لا يزال يحمل تلك السموم بعينيه ..
ذلك كان أمرا قاسيا حقا ، و نهاية لا تليق بها هي التي تعذبت لوقت طويل ..
و الان ، اوليفر خان وجد نفسه مضطرا للعيش بهذا النوع من الذنب إزاءها لما بقي له من أيام بحياته ..
أحيانا ، يأتي الادراك بعد فوات الاوان ..
لكن اوليفر خان قد كان محظوظا ، فنداء غوست اومبرا المفاجئ قد اعطاه املا آخر بالحياة ..
غوست كان احد القلائل الذي بحثوا عنها بنشاط بجانبه .
فهو يعلم بمدى اهمية سانسا لفراي بغض النظر عن اوليفر ..
مستفيدا من حقيقة كونها هي الأخرى متلاعبة بالظلال على غراره ، هو استطاع تحديد مكانها بعد بعض الجهد .
اوليفر هرب على الفور ، مستجيبا لإشارة غوست و كأنها علامة من السماء ..
هو ركض كالمجنون ، بينما قاده المغتال إليها .. و ما هي سوى لحظات معدودة ليبلغوا جميعا مكانها ..
سانسا دفنت عميقا تحت الأرض ، فالاصطدام الأخير بينها و بين سيدة الثمان ارجل قد جعل الارض تنشق بالعة إياها .. لكن ظلالها قد حمتها حتى الرمق الاخير ..
أمام اعين اوليفر و جميع من تبعه ..
هي كانت تجلس بهدوء ، وسط شرنقة من الخيوط السوداء التي انبثقت من ظهرها ، و كأنها فراشة مكسورة ، موحشة و قاتمة .. لكن جميلة و باردة ..
شرنقة الظل تلك قد زحفت فوق الأرض من تحتها و فوقها ، مانعة اياها من الانهيار عليها ..
جسدها كان مشخنا بالجروح التي افرزت دما اسود جعل كل من رآه يشمئز ..
لكن من بين كل الحاضرين .. اوليفر خان لم يهتم مطلقا
للون دمها ، بل ركض على الفور ناحيتها ، متمسكا بجسدها البارد معانقا إياها ..
و كأنها كانت بانتظار ذلك ، شرنقة الظل انقطعت ببطء ، تاركة جسدها يسقط بعناية بين يدي الوصي الاعظم ..
هذا الأخير متمسكا بها مغمورا بدمها قد ارتعب من ذلك المنظر المرعب لظهرها ..
فلم يتواجد هناك شيء سوى حفرة دموية عملاقة كانت تخرج منها الظلال ..
محدقا بتلك الهاوية مصدوما ، سمع اوليفر صوت همس لطيف بجانب اذنه .
"لا داعي للقلق .. فظلالي لن تؤذيني .. هي .. رفيقتي و حليفتي بوحدتي "
سانسا همست باذن اوليفر ، مظهرة ابتسامة ضعيفة على وجهها المكسور المتعب ..
بسماع صوتها اوليفر خان لم يعد يستطيع التحمل بعد الآن ..
"انا آسف يا سانسا .. أنا آسف .. آسف على كل شيء "
تلعثم الوصي الاعظم كثيرا و هو يعتذر مرارا و تكرارا ، بينما اعتصرها بين يديه ..
سانسا بما تبقى لها من وعي ، هي لم تتوقع سماع ذلك ، مديرة رأسها بصعوبة ، هي لمست وجهه ..
تحديدا عينيه .. مجرد لمحة واحدة جعلت الدموع تتشكل لا اراديا بحواف اعينها ..
فما رأته ليس فجوات ذلك القناع ، لم تكن تلك الاعين التي احتقرتها .. بل أعين الرجل الذي كان بجانبها معظم فترات حياتها .. أعين الرجل ذاته الذي حاول التضحية بنفسه لاجلها ذات يوم ..
"خالي .. أوليفر انا .. " هي نطقت باسمه محاولة قول شيء ما ، لكن الوعي هرب منها قبل أن تتاح لها الفرصة لقول أي شيء ..
لقد فقدت الوعي ، لكن التعبير الاخير الذي رسمه وجهها قد جعل قلب اوليفر خان يرتاح و لو قليلا ..
فهو كان وجها مرتاحا .. و ابتسامة نقية و صادقة لم تبرزها سانسا قط منذ تحولها لشيطان ..
هي لم تسمعه إجابتها ، لكن بدا و كأن مشاعره قد بلغتها ، ما جعل اوليفر يكفر و لو قليلا عن ذنبه تجاهها ..
ربما لا تزال سانسا مكروهة و محتقرة بين جميع البشر .
لكنها اليوم اكتسبت شخصا تستند عليه بجانب فراي ستارلايت ..
اوليفر خان .. العائلة الوحيدة التي اعتمدت عليها سانسا طيلة حياتها ..
...
...
بمجرد انطلاق عملية البحث .. قد تأكدت بشكل رسمي من موت سيدة الثمان ارجل على يد سانسا فاليريون .
بهذا ، يكون هذا هو سيد الكابوس الثاني الذي تنجح الإمبراطورية بقتله منذ أبراهام ستارلايت ..
لكن عمل اوليفر و من معه لم ينتهي بعد ، فلا يزال بطل الكنسية و بطل الفيكتورياد مفقودين حتى الان ، بذلك لم يكن لهم من خيار سوى مواصلة البحث .
هم تحركوا بسرعة كبيرة ، بقيادة الوصي الاعظم الذي تولى مسؤولية ابنة اخته بشكل كامل ، حاملا إياها بين يديه ..
جروحها كانت تلتئم من تلقاء نفسها ، لذلك لم يكن هناك من خطر عليها .. رغم ذلك ..
اوليفر حملها بين يديه بعناية تامة ، مانعا اي شخص من الاقتراب منها ..
بهذه الطريقة ، هم واصلوا المضي قدما .
و بعد البحث لبعض الوقت ، هم وجدوا أخيرا علامات قتال سنو ليونهارت ضد الكوزموس ..
من الدماء المسكوبة فوق الأرض ، و نصف الجسد المقطوع لمخلوق الكابوس الذي وجدوه ، هم لم يستطيعوا الجزم يقينا بما آلت اليه المعركة ..
لذلك لم يكن لهم من خيار سوى مواصلة البحث .
كانت ستكون كارثة حقيقية لو مات بطل الكنيسة المتوج بهذه البساطة ، و على عكس ما حدث مع سانسا
معظم الحاضرين اظهروا قلقهم هذه المرة ..
فسنو ليونهارت كان النموذج المثالي للبطل الموعود ، اكثر البشر كمالا ، لدرجة أن البعض وصفوه بأنه مثالي ..
كان مشرقا و مبهرا ، على عكس تلك الشيطانة القذرة و المظلمة ..
هم ارادوا إنقاذه مهما كلف الامر .. أعينهم حملت الكثير من الترقب و الرغبة للقتال من اجله ..
لكن كل شيء قد تلاشى بشكل سحري .. عندما بيغ اوليفر خان و من معه مكانا معينا ..
على غرار ساحة المعركة التي احتضنت سانسا و سيدة الثمان ارجل ..
الدمار بهذا المكان لم يكن اقل بأي من الاشكال ، ما اثبت ان معركة مرعبة قد جرت هنا هي الأخرى .
لكن اعين الحاضرين اجمعين قد ارتكزت نحو مكان واحد ..
ناحية جثة بشعة ، لوحش تم تمزيق جسده ، و التهام ازيد من نصفه ..
فوق تلك الجثة ، جلس شاب معين يلتهم اللحم البشري .. و يشرب الدم القذر ..
بدا موحشا ، و الدم يغطي كل ركن من اركان جسده ..
لكن اعينه الذهبية كانت لا تزال نفسها ..
هم تعرفوا عليه فورا ، و هذا ما زادهم حيرة و رهبة ..
اصوات المضغ و طقطقة الاسنان كانت هي الشيء الوحيد المسموع بالمكان .. و اوليفر خان هو من تولى كسر هذا الوضع .
"مالذي تفعله .. يا سنو ليونهارت" هو قال مترددا ، ما جذب انتباه سنو ليونهارت الذي استدار ناحيتهم ، و ريقه مليئ بالدم القذر .
"أه المعذرة ، أنا لم ألحظ وجودكم "
نازلا من فوق جثة سموع ، شق سنو طريقه إليهم ماسحا فمه .
لا اوليفر ولا غوست علموا ما وجب عليهم قوله بموقف كهذا ..
فكل شيء أمامه قد كان بحالة فوضى ..
اوليفر اختار طرح السؤال الاكثر بديهية حاليا ..
"مالذي حدث هنا بالضبط ؟ و مالذي كنت تفعله بحق الجحيم قبل قليل ؟"
متبادلا النظرات مع سنو ، هذا الأخير اجاب بلا مبالاة.
"لقد توليت أمر الكوزموس ، لكن و بمجرد انقضاء معركتي مع سيد الكابوس ، تدخل الهولو سموغ مهاجما إياي .. الاطاحة به استنزفتني بالكامل ، لذلك اضطررت
للأكل و استعادة طاقتي " قال سنو و كأن هذا هو أكثر شيء بديهي بالحياة ..
لكن كل كلمة خرجت من فمه قد كانت بمثابة صدمة للجميع الحاضرين ..
سنو ليونهارت حقق انجازا عظيما بهزيمته لسيد كابوس و قتله أحد الهولو ، لكن الجميع وجدوا انفسهم غير قادرين على تجاهل الشق الاخير ..
"للأكل لتستعيد طاقتك .." ردد اوليفر ، بينما همس الجنود فيما بينهم ، متسائلين عن المنظر الحالي لبطلهم الموعود .
فبمنظره الدموي ذاك ، و جسده المكسور من كل المعارك التي خاضها ..
سنو ليونهارت بدا أكثر بشاعة و فظاعة بكثير من سانسا فاليريون التي يفترض بها أن تكون شيطانة .
هم جاءوا معولين على انقاذ بطلهم الطاهر ، فإذا بهم يصدمون بوحش أكل اللحم البشري و شرب دمه ..
سنو بدا منزعجا ، فهو تدمر بلا توقف .
"حسبت أنني قادر على إلتهام جسده كاملا .. لكنني لم استطع تجاوز النصف .. هذا مثير للشفقة حقا ."
سنو ليونهارت الحالي لم يبدو متزن العقل .. هو كان اشبه بوحش اعمته القوة و المسار الجديد الذي فتحه على نفسه ..
مسار قدر من خلاله يستطيع زيادة قوته التي لم يستطع رفعها مهما حاول بالماضي ..
لكن و مهما نظروا اليه .. شكل سنو ليونهارت الحالي لم يكن مناسبا مطلقا لمظهر البطل ، و ما كان يقوم بهو شيء خاطئ بكل تأكيد .
فحتى لو زادت قوته بفضل الالتهام لحم بني جنسه .. فذلك لم يكن بالطريق الصحيح ليتبعه اطلاقا .
في تلك اللحظة ، لا سنو ليونهارت و لا المتواجدون من حوله ، لا أحد منهم انتبه لتلك الاعين الشيطانية القذرة التي تربصت بهم من الاعلى ..
أعين شيطانة ملعونة ، عاشت على لحم و دم بني جنسها ..
سنو ليونهارت قد ايقض جانبه الشيطاني ، بمعنى آخر ..
هو أصبح بمثابة بشري متعاقد ، مثله مثل الألتراس ..
و العقود الشيطانية تضع دوما البشر تحت رحمة الشيطان الذي تعاقدوا معه .
لهذا السبب بالذات ، زحفت ظلال يوسيفكا بشكل خفي متربصة بالبطل الموعود ، محاولة جعله عبدا لها ..
عبد خارق يتجاوز اقرانه بكثير .
لكن و في اللحظة التي حاولت بها يوسيفكا لمس جسده ، فإذا بضوء عظيم ينبثق من اعماق سنو .. ضوء
مقدس حرق ظلال الشيطانة ، و قهرها بقوة اعظم بكثير ..
القوة النابعة من سنو ليونهارت قد كانت بشكل مضاد تام للشياطين و قواهم المظلمة ، لكن بطريقة ما ، هي لم تبدد تلك القوة ، بل احتضنتها جاعلة إياها جزء من قوة سنو .
بينما احتضنت تلك القوة ، ضياء سنو ابعد ، بالمقابل سلاسل الشيطانة التي حاولت لف خيوطها من حوله ..
بهذه الطريقة و بدون وعي منه ، سنو ليونهارت قهر عقده الشيطاني ، و أصبح متعاقدا حرا بشكل كامل ، له الحرية لتسخير قواه بالطريقة التي اراد .
"علينا التحرك ، فالحرب الحقيقية لا تزال مستمرة بمكان آخر بينما نتحدث " قال سنو ، مستديرا نحو اتجاه معين .
"استشعر كما هائل من الهالة ينبثق من ذلك الاتجاه .. على الارجح ، فالقوى الرئيسية لجانبنا تخوض معركة
حياة أو موت ضد قادة العدو .. كنت انوي الذهاب لمساعدتهم بمجرد إستعادتي لطاقتي ، لكن بما انكم هنا ، يمكننا الذهاب معا "
"إنتظر .." إذا كان ما تقوله حقيقيا ، فلا فائدة من احضار الآخرين " قال أوليفر ، مسلما سانسا لغوست و من معه .
"أنا و أنت الوحيدان اللذان سيذهبان "
قال اوليفر بينما أومأ سنو .
"لا إعتراض لدي ، أظن أن الامر افضل بهذه الطريقة "
بمعركة كهذه ، لمن يكن هنالك من فائدة لاخذ كل اولئك الجنود معهم ، فهم سيبادون لمجرد اقترابهم ..
اوليفر خان هو كان الحد الادنى للقوة المسموح لها بالمشاركة ..
بمجرد حسمهم لقرارهم ، هم استعدوا للذهاب و المشاركة بتلك المعركة النهائية على الفور ..
لكن و بمجرد أن خطت اقدامهم خطوة للامام ، فإذا بهم يتجمدون مكانهم .. بعدما شعر جميع الحاضرين بذلك الضغط المجنون الذي سلط عليهم ..
محدقين نحو السماء ، اعينهم أعميت تماما بذلك الضوء العظيم الذي ابتلع كل شيء ، معلنا بداية الكارثة الحقيقية ..
...
...
...
منظور فراي ستارلايت-
"المعركة تحولت لفوضى كاملة ."
منهارا بعيدا بحاشية بؤرة الدمار تلك .. حاولت اجبار جسدي على معالجة نفسه بالقوة ، في محاولة يائسة مني من اجل العودة للقتال بأقرب وقت ممكن ..
أمامي عيني ، حدثت المعركة الاشد عنفا بهذه الحرب منذ بدايتها ..
السير آلون ، مايكار فاليريون ، فينيكس صنلايت ضد بياتريس ، بيليث شيطان الرتبة 18 ، غافيد ليندمان ، و ميرغو ..
7 وحوش من الفئة SS + تقارعت فيما بينها بشكل وحشي ، مدمرين بعضهم البعض بكل ما اوتو من قوة ..
بفضل استنزافي لجانب الالتراس بحالتي المجنونة ، تمكن جانبنا من الصمود حتى الان و القتال بشكل متساوي معهم ..
لكن المعركة قد اتجهت للمجهول الان ، فلم يكن لي من طريقة لمعرفة ما ستؤول اليه الامور ..
جميعهم جن جنونهم ، و بدأوا يهاجمون يمينا و يسارا دون تمييز ..
فينيكس تطاحن مع بيليث بمعركة قوة خالصة .. الشيطان بجسده الطاغي ، و فينيكس بنيرانه التي حولت هذا العالم لسعير ..
بياتريس ضد مايكار فاليريون الذي طاردها ممطرا إياها بالاف الصواعق و الرماح العملاقة ..
اما السير آلون فقد قاتل كلا من غافيد ليندمان و ميرغو لوحده ، بينما دعم الاخرين من وقت لآخر بنفس الوقت ..
القتال كان فوضويا بامتياز ، و كلا الجانبين قد تكبدا من الضرر الكثير ..
هذا القتال قد يكون حقا نهاية الحرب بين الالتراس
و الإمبراطورية ، فالغائز هنا سيحدد بشكل كبير مستقر الحرب الحالية ..
مدركا لهذه الحقيقة .. حاولت بكل ما اوتيت من قوة حمل جسدي المحطم هذا .. و العودة لساحة المعركة ، لعلي اساهم و لو قليلا بترجيح كفة جانب على آخر ..
المعركة بلغت مستويات من الجنون لم ارى مثيلها بحياتي ..
الهالات تصادمت بلا توقف ، الأرض زلزلت مرارا و تكرارا ، و الدماء سكبت بأنواعها ..
سواءا الدم الاحمر ، أو الاسود القذر ..
هذه كانت معركة حتى الموت ، و لا مجال للتراجع فيها ..
متمسكا الانقاض من حولي ، مشيت ببطء مقتربا منهم .
"علينا الفوز بهذه المعركة ، مهما كلف الامر"
إذا خسرنا هنا ، فكيف لنا ان نحلم بمقارعة اولئك الاعداء الاشد بأسا الذين تربصوا بالظلال .
"مهما كلف الامر ، يجب أن نفوز !"
أنا لم أملك ثقة سوى بقوتي ، و نفسي .
لكن و لأول مرة منذ وقت طويل ، وجدت نفسي اضعها بمكان آخر ..
مايكار ، فينيكس ، آلون ..
"إياكم و الخسارة .."
بمجرد نطقي بهذه الكلمات ، و كأنهم سمعوني ..
انفجرت المعركة ، بينما دخلت مراحلها الاخيرة ..
جميعهم اخرجوا كل ما لديهم .. حتى النهاية ، هم مزقوا بعضهم البعض بلا هوادة ..
لم اسمع كلماتهم ، لكن هالاتهم اخبرتني بكل شيء .
"القليل بعد "
"لن يتحملوا لوقت اطول ، القليل بعد و سيسقطون !"
"قاتل ! بضراوة اكبر! بوحشية اكبر!"
"مزقهم جميعا ! اقتلهم جميعا!"
بدا و كأن افكارهم و مشاعرهم تنتقل الي ..
القتال بلغ اشده .. و النتيجة كانت وشك أن يتم حسمها ..
وجدت نفسي مأسورا غير قادر على الاشاحة بنظري .. بينما حرقني الشوق و الانتظار .. لمعرفة نتيجة هذا الصراع ..
"هل سنفوز ؟ هل سنخسر ؟ مالذي سيحدث ؟"
سألت هذا السؤال .. و ياليتني لم أسأله ..
فبذروة المعركة و اللحظة الاخيرة التي كانت ستحسم الصراع ..
سواءا انا ، أو المقاتلون السبع من الفئة SS + ..
جميعنا تجمدنا أماكننا ، عندما نزل ذلك الضغط الجبار الخانق الذي جعلني اسقط على ركبة واحدة مجبرا ..
قوة ساحقة ، و مرعبة تجاوزت جميع الحاضرين ..
السماء من فوقنا اضاءت بشدة ، و شيء مشؤوم قد نزل منها ببطء مطلأ علينا ..
"مالذي يجري بحق الجحيم ؟!!!؟"
صاح الجميع بوقت واحد ، محدقين وسط دمائهم ناحية ذلك الشيء .
" .."
"ملاك؟!!"
خرجت الكلمة من فمي ، وانا احدث بذلك المخلوق العملاق ، ذو الاجنحة الثمان ، و الهالة السماوية ..
حلقة بيضاء امتدت من خلف ظهره ، و جلد كان ابيض شاحبا لدرجة أنه بدا اشبه بالتمثال ..
لكن الضغط الذي اصدره ذلك الشيء لم يكن بالمزحة ..
سواءا جانب الإمبراطورية ، او الالتراس ..
كل جانب حدق بالآخر باعيين محتقنة بالدماء ، محاولين معرفة من المسؤول عن ذلك الشيء ..
لكن نظرة واحدة كانت كافية .. ليعلم الجميع أن المتدخل هذه المرة ، هو طرف ثالث .
قوى منفصلة تماما ..
ثم ما هي سوى لحظات معدودة لنسمع الصوت الذي اعطانا كل الاجابات ..
"يا أيتها الشياطين التي تجرأت على الوقوف ضد ارادة لورد الضوء المبارك .. بإسمي و إسم الكنيسة المقدسة ! أنا أعلن أنني الاسقف الاعلى ، جوزيف بلاتير ، سأقود عملية الابادة لكل اعدائنا !"
"بلاتير ؟!!" صاح السير آلون بغضب ، بينما بدأ العالم اجمع يدرك مآرب الكنيسة ..
"هم انتظروا هذه اللحظة بالذات .. اللحظة التي يحطم بها كلا الجانبين الآخر ، و يصبحون بأكثر حالاتهم ضعفا .."
مدركا حقيقة ما كان يحدث ، حاولت على الفور البحث عن بلاتير ، لكنني لم اشعر بوجوده بأي مكان .. فصوته هو الوحيد الذي كان حاضرا ، رفقة ذلك الملاك المشؤوم
"يا رعايا الإمبراطورية ، و شياطين الالتراس ، سجلوا كلماتي هذه و احفظوها ، فهي ستكون بمثابة آخر ما سيسمعه البعض بحياته ، و للبعض الآخر .. فهي ستكون بمثابة التحذير "
بأماكن متفرقة من العالم .. ظهرت اسراب ملائكة غريبة من العدم ، تحلق بالاعلى مطلقة هالاتها المشؤومة ..
ملائكة أصغر حجما من ذاك الذي اطل علينا .. لكن اعدادهم كانت كبيرة بشكل مخيف ..
أمام هذا التدخل الغير مسبوق ، وقفنا حائرين نحدق للأعلى بينما واصل بلاتير الحديث ..
"رقم 1 بين قائمة الابادة : الالتراس"
تزامنا مع كلماته ، اشعت اعين الملائكة الذين ظهروا فوق جميع مدن الدم الاعلى .
"رقم 2 بين قائمة الابادة: عائلة فاليريون"
فوق القصر الملكي ببلغراد ، و مقر القيادة حيث تواجدت معظم العائلة الملكية ، و ادا ستارلايت رفقة بقية قادة الحرب ..
"رقم 3 بين قائمة الابادة: عائلة ستارلايت"
أمام جبال اوكلاس الشرقية حيث تواجد المقر الرئيسي لعائلة ستارلايت .. و بأماكن متفرقة من ساحة المعركة ..
ظهرت تلك الملائكة المشؤومة ..
"بالسلطة الممنوحة لي من لورد الضوء العظيم ، أنا أحكم عليكم بالموت ! و الاندثار من سجلات التاريخ !!"
بلاتير أعطى الامر ، فإذا بجميع الملائكة تفتح افواهها .. بينما توهج ضوء ساطع يعمي الابصار من داخلها ..
ثم بدون سابق انذار .. بدأت الكارثة ..
من السماء ، نزلت القذائف مثل الامطار ، مدمرة كل
شيء من تحتها بلا رحمة ..
العائلة الملكية ، مقر ستارلايت ، مدن الدم الاعلى ..
جميعها تم محوها من الوجود بنيران الضوء الحارق ..
و بنفس الوقت .
فتح ذلك الملاك العملاق الاشد قوة فمه ، فاتحا باب الجحيم امامنا اجمعين ..
بشعاع مطهر من الضوء .. تحول كل شيء للابيض و الاسود .. بينما ابتلعتنا تلك القوة المدمرة ..
لهي كارثة فظيعة تلك التي حلت علينا ... و في النهاية ، لا الإمبراطورية ولا الالتراس ..
لم يفز أي جانب .. بل خسر الجميع بأكثر الطرق إيلاما ..