مرت 3 أيام منذ انفصال فراي وباقي رفاقه. كل واحد منهم قضى تلك الأيام يقاتل بطريقته الخاصة في سبيل إخضاع الكنيسة التي طالهم عدوانها.

سنو ليونهارت، بفضل ارتباطه المباشر مع الفيرميثور، تمكن من اكتشاف أحد أهم أسرار الكنيسة والمكان الذي يختبئ به الأسقف الأعلى وحاشيته. هو كان منغمساً طيلة فترة تتبعه لمسارات تلك الشجرة العظيمة، وبالتالي خسر إحساسه بالوقت بشكل كامل. أخذ منه الأمر 3 أيام ليصل للشجرة، ويومين كاملين لكي يستطيع العودة والخروج من غابة المتاهة تلك التي دخلها.

كانت أولوية سنو هي إيجاد فراي ستارلايت، الذي قاتل أتباع الكنيسة قبل 5 أيام كاملة. في ذلك الوقت، كان صدى هالته المتفجرة من الفئة SSS منتشراً في كل مكان لدرجة أن سنو شعر به من بعيد.

لكن الآن، لم يجد سنو له أثراً. غير قادر على معرفة ما حدث بالضبط، قرر بطل الإمبراطورية التوجه لآخر مكان شعر فيه بوجود فراي، أي ساحة المعركة نفسها.

باستعمال "خطوة الفراغ"، لم يأخذ وقتاً طويلاً ليبلغ المكان الموعود وبمجرد وصوله وجد سنو نفسه يتجمد أمام المنظر الشنيع أمامه. "ما الذي حدث هنا بحق الجحيم؟!".

خطوة تلو الأخرى، مشى سنو بين الجثث الكثيرة التي تراكمت أمامه، جثث جفت دماؤها تماماً. هو لم يكن مندهشاً من عدد الجثث، ولا الطريقة الوحشية التي قتلوا بها. فقد اعتاد على هذا المنظر بعدما قاتل إلى جانب فراي ضد الألتراس. صديقه الغريب أصبح آلة قتل لا تتوقف منذ وقت طويل.

ما أثار دهشة سنو بشكل خاص، كانت الحالة التي تركت بها الجثث. فجميعها بدون استثناء، قد حظيت بنفس المصير. منحنياً أمام إحداها، حدق بمعالم الموت تلك عن قرب. كانت علامة السيف واضحة وجلية على الجثة، ما أثبت أن فراي قتله بضربة واحدة.

لكن بمجرد قتل فراي صاحب تلك الجثة، مر جسده بحالة غريبة. جلده انكمش، ودمه جف تماماً، ما ترك جثة مشوهة لجلد فوق عظم. وكأن الحياة نفسها قد استنزفت منه رفقة كل شيء آخر يملكه جسده. هذا كان مصير جميع الجثث من حول سنو بلا استثناء.

لم يفهم سنو ما كان يحدث، لكن بعدما دقق النظر لمح شيئاً غريباً ومألوفاً. على الفور، استدار ناحية جثة أخرى، ليجد الشيء نفسه عليها، وبالمثل حملت كل الجثث نفس التوقيع.

"هذه الخربشات الملعونة مجدداً" لعن سنو، بعدما عثر على نفس تلك اللغة الدموية محفورة على جلود الجثث من حوله.

لغة غير مفهومة، بدت مثل رونية قديمة مفقودة. من بين الجثث الكثيرة المتواجدة من حول سنو والتي قدرت بالآلاف، كان هنالك العديد للملائكة أيضاً التي استعملت ضد فراي على ما يبدو، لكن هذا الأخير أسقطها جميعاً. فوق أجساد تلك المخلوقات التي بدت أشبه بالآلات تواجدت نفس الكتابة الدموية. لم يفهم سنو معناها، لكن ومما رأوه حتى الآن، قرنها بالتضحية.

"الكنيسة تملك طريقة تتيح لهم التضحية بالغير، في سبيل استدعاء شيء أعظم بالمقابل". هذا شيء تكرر بكثرة، لدرجة أنهم ضحوا بالقديسة يوراشا. "أتخبرني أنهم ضحوا بكل هؤلاء الناس عن عمد؟!".

بينما اعتراه الغضب، بدأ سنو يفهم مآرب الكنيسة وطريقة تفكير أعدائه. أرسلوا هذا العدد من الضعفاء للتعامل مع أمثالي وأمثال فراي، بالتأكيد لا توجد طريقة لنجاتهم. بمعنى آخر، هم أرسلوهم ليموتوا تحت حجة خدمة لورد الضوء وقضيته. لقد كانت هذه طريقة ملتوية وقذرة، لدرجة أن سنو لم ير فرقاً بينهم وبين الشياطين.

"التضحية.. الدماء.. استغلال البشر، ما الفرق إذا بين الشياطين القذرة، والكنيسة التي تدعي النقاء والطهارة؟". اعترى الغضب سنو بشكل كامل، لدرجة أنه ولوهلة أراد العودة ومهاجمة بلاتير والآخرين بنفسه.

لكنه سيطر على أعصابه بالنهاية، مشدداً على ضرورة إيجاد فراي. ساحباً الفيرميثور، سخّر سنو كمية معتبرة من النيران عبر سيفه، بينما رفعه ناحية السماء.

"هذا سيجلب الانتباه، لكن لا وقت لدينا لتضييعه". من خلال سيفه، أرسل سنو قذيفة لهب عملاقة نحو السماء. شعلة النار ارتفعت عالياً نحو السماء المظلمة، قبل أن تنفجر بمشهد مهيب بدا أشبه بالألعاب النارية التي أنارت المكان.

الضوء كان واضحاً، وهذه كانت الإشارة التي قرر سنو إرسالها لرفاقه. فحتى لو كانوا على بعد أميال، هم سيتمكنون من رؤيتها بكل تأكيد. لكن ومهما انتظر سنو، لم يحصل على أي رد. لا من فراي ولا من إيفون.

"هل حدث شيء ما لهم؟" ظهرت هذه الفرضية داخل عقله، لكنه سرعان ما نفاها.

"لا.. يستحيل أن يسقط فراي بهذه السهولة، ولا الأمير إيغون الذي نجا حتى الآن من ظروف أسوأ". مندفعاً للأمام، واصل سنو البحث على أمل إيجادهم بأقرب وقت.

استمر سعيه لوقت طويل، بينما مرت الساعات الواحدة تلو الأخرى، لدرجة أن سنو بدأ يقلق من احتمالية أنه لن يجدهم إطلاقاً. ثم عندما غزت هذه الفكرة القاتمة عقله، شعر بضغط أورا غريبة يصدر من بعيد. أورا غريبة ووحشية جعلت القشعريرة تعتريه.

واقفاً مكانه بين الأشجار الشاهقة، حدق ناحية اتجاه معين، بينما عم الصمت المكان. الضغط الذي أصدرته تلك الأورا كان مشؤوماً لدرجة أن حواس وغرائز سنو نهته عن الذهاب بذلك الاتجاه.

لكن سنو شعر ببعض الألفة مع تلك الأورا الوحشية، ما جعله يعصي غرائزه ويندفع فوراً ناحية مصدرها. مستخدماً "خطوة الفراغ"، قطع مسافة كبيرة بطرفة عين واقترب شيئاً فشيئاً من مصدر الهالة.

وكلما اقترب، كان العرق البارد يتشكل فوق ظهر سنو، فضغط الهالة زاد بشكل حاد وواصل الارتفاع مع كل خطوة خطاها ناحيته. "أي أورا ملعونة هي هذه؟!" سأل سنو بدون وعي منه، بينما وصل إلى نهاية جرف أطل على غابة أخرى متصلة بالأسفل.

فوق قمته، وقف سنو محدقاً نحو الأسفل، ناحية تلك الغابة التي امتدت بعيداً جداً بالأفق، والسماء المظلمة من فوقها. هناك وفي مركز الغابة، حدق سنو بذهول ناحية المكان الذي صدر منه ذلك القدر المرعب من الهالة.

فبين الأشجار الخضراء، تواجدت كتلة هائلة من الأورا البنفسجية التي بدت أشبه بشمس عملاقة احترقت بالأورا بدل النار. كانت هائلة جداً، وقوية بشكل مرعب جعل سنو يشعر بجسده أثقل، لكنه تحامل على نفسه واندفع نحوها مباشرة. فبعد اقترابه كثيراً، أصبح شبه متأكد لمن كانت تلك الهالة.

مقترباً أكثر وأكثر، بلغ سنو المكان الذي صدرت منه تلك القوة أخيراً. بين سلسلة الأشجار لتلك الغابة الشاسعة، تواجدت بحيرة كبيرة. بحيرة جلس بمركزها رجل واحد، رجل بشعر أبيض طويل، وملابس سوداء تطايرت من حوله، بينما اشتعلت من تلك الشمس البنفسجية.

"لقد كان فراي"

2025/09/07 · 124 مشاهدة · 936 كلمة
Song
نادي الروايات - 2025